أن تقول: آه وألا تقولها! (1 ـ 2)

TT

على مكتبي وأمام عيني ليلا ونهارا كتاب في ألف صفحة عن (الألم) لعدد من كبار المتخصصين في بريطانيا. وقد قلبت في صفحاته. ووقفت طويلا وأجلسني طويلا فهو ضخم ثقيل الوزن..

وهو كتاب مؤلم.. يؤلمني أن اقرأه ويؤلمني ألا أقرأه. ولا بد أنه يحتوي على الألم الذي أعانيه. ولا أعرف له تعريفا ولا وصفا ولا توصيفا..

إنني أتوجع إذا جلست وإذا وقفت وإذا تمددت وإذا نمت.. وإذا استغرقت في النوم فإنني أحلم بالألم..

وفى يوم.. لا أعرف متى.. فكل أيامي متشابهة في اللون والطعم.. أما اللون فأبيض وأسود.. أما الطعم فهو مر.. فالدواء مر.. وإذا تذوقته دارت رأسي.. كأنني مخمور بلا نشوة. ولا بد أن أضع رأسي على كفي لكي أكتب ولكي أقرأ.. مسطول إذا قرأت وإذا كتبت وإذا حاولت أن أكون منطقيا. إنني كالمرأة البدينة التي وصفها الشاعر العربي:

تمشى الهوينى كما يمشي الوجى الوحل..

فإنني أخــوض في الألــــم والدوخـــة. ولا أكتـــفي بأن أمشي فقط.. وإنما (أمشي ملكا) كما تقول أم كلثوم..

وقديما عندما كنا ندرس فلسفة الألم فإننا نقول: الألم هو الخلو من اللذة.. والألم هو أن تتلمس مكانا في الجسم أو في القلب ثم تقول: آه..

أبدا ليس هذا ألما.. إنما هو ألم العشاق الذين يسعدهم الألم!

ولكن الألم شيء آخر ـ وقاك الله أن تقول: آه.. وأن تعجز عن كلمة الآه!