رسالة حب من عبد الله إلى أشقائه العرب

TT

لم يكن لمتفائل أن يتخيل أن الخلافات العربية التي بلغت مداها إبان الغزو الإسرائيلي لغزة، يمكن أن تصل إلى نهاية سعيدة وسريعة على النحو الذي انتهت إليه، فلقد استطاع الملك عبد الله بن عبد العزيز بصفائه، ونقائه وحكمته، أن يجعل من قمة الكويت قمة لجمع الشمل العربي، فكانت دعوته المخلصة، والمسؤولة، والأمينة لإنهاء كافة الخلافات بين الأشقاء العرب بدون استثناء رسالة حب حقيقية من شقيق إلى أشقائه، فاستجابت لها النفوس ثقة في مصداقيتها، وإيمانا بنبل غاياتها، وكانت صورة لقاء القمة الخاصة في مقر إقامة خادم الحرمين الشريفين في الكويت، التي جمعت الملك عبد الله، والرئيس المصري حسني مبارك، والرئيس السوري بشار الأسد، وأمير الكويت صباح الأحمد، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وأمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، وملك الأردن عبد الله الثاني، صورة أجزم أنها أنبتت فرحا عربيا شاملا من الماء إلى الماء، فالمواطن العربي من الخليج إلى المغرب كان يعيش هموم الخلافات العربية، ويبحث عن الحكيم العربي، الذي يجمع الشمل، ويلم الشتات، فكانت دعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز طوق النجاة، الذي أنعش الآمال في فتح صفحة جديدة في العلاقات العربية - العربية، لكي تستعيد هذه الأمة وحدة الكلمة، والموقف، والطموح، إذ لا خيار للعرب إلا أن يكونوا في خندق واحد، لأن همومهم واحدة، ومصيرهم واحد، لا يختلف في ذلك السوري عن السعودي، ولا القطري عن المصري.

وكم أتمنى أن يستمر زخم المصالحة في انطلاقته، وأن تكون له انعكاساته الحقيقية على وحدة الفلسطينيين، وتنقية خطابنا العربي المتبادل من مفردات التخوين، والتشكيك، والاتهام، وأن يعمل الجميع على لجم بازار الإعلام المتشنج، الذي يتاجر فيه سماسرة التحريض، والوسوسة، وصناع الخلافات.

واليوم بعد هذه المصالحة التي تمت، فإن المحافظة عليها مسؤولية مشتركة ينبغي أن يحرص عليها الجميع، ويتشبث بمنجزها الكل، فما تحقق يستحق أن نخلص له النوايا، وننأى به عن العثرات، فالتجربة العربية لم تحصد من الشتات سوى الفواجع والكوارث والمحن، ولم تجن سوى الضعف، والهزيمة، وتكاثر الأطماع.

أمنيات بأن يظل عبق رسالة الحب التي أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة الكويت يعطر أجواء علاقاتنا العربية - العربية، وأن تتحول «الأنا» المفردة في الخطاب العربي إلى «نحن»، وأن تنبت من جديد على شفاه صغارنا الأنشودة العظيمة التي رددناها صادقين صغارا:

بلادُ العُربِ أوطاني منَ  الشّـامِ لبغدانِ

ومن نجدٍ إلى يَمَـنٍ إلى مِصـرَ فتطوانِ

[email protected]