لو أننا بدأنا هنا

TT

تسابقت القمم فوق جسد غزة وفي النهاية كان لنا قمة هادئة، موضوعها ليس انتصار العرب بعضهم على بعض، بل إنقاذ ما بقي من غزة وإنقاذ ما بقي من شعار العروبة الذي يرفعه الآن الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد ولقد انقلبت الصفحة وتوقف انقلاب الأشياء فما كان من المسارات إلا أن صححت نفسها. هذه المرة لم يهرع نيكولا ساركوزي الى الدوحة، بل هرع، هو وانغيلا ميركل والسنيور ثاباثيرو والأمين العام للأمم المتحدة، ناهيك بعبد الله الثاني، الى مصر. وادرك الجميع ان ثمة ما هو أكثر جدية من التأثير السحري للمواقف الفضائية.

هذا، من حيث الوجه السياسي، وهو لا شيء، لا في السباق الى القمم، ولا في القمة نفسها. إذ من حيث الحقيقة النهائية، تكرر امام الانسانية مشهد قديم، الوحش الاسرائيلي يلتهم دون شبع من الدماء، ولم يبق في غزة حجر على حجر، لكن العزاء الكبير هو في برقية الرئيس الإيراني الى السيد خالد مشعل. أو السيد هنية. وربما الى القيادة، مجتمعة، تقرأ بيان النصر.

سوف تبدو صبرا وشاتيلا مجرد نزهة في وحشية الدماء، عندما ننتهي من تدوين حصيلة غزة. وسوف نبدو عراة. وسوف تكتشف غزة انها كانت بين اثنين: واحد ينحرها، وواحد يصفق لمشهد الدماء، كأنما البطولة العربية الوحيدة هي في تقبل هذا الحجم من الموت والدمار والعذاب.

عبث. عبث. لن نعرف كيف نتعامل مع الهلاك ولا مع الأرواح ولا مع أكفان الأطفال البلاستيكية. سوف نرى المأساة ونسميها انتصارا. وسوف نسمي زوال غزة تحت الزلزال الوحشي «انتصارا انسانيا». وسوف تعد الأمهات الثكالى ببطون جديدة. ألم يكن هناك نوع آخر من الانتصارات نعرضه على غزة؟ ألم يكن أحرى ان نتسابق على القمم يوم كانت معزولة في الحصار؟ ألم تكن هناك قضية اسمها غزة قبل حملة اولمرت الأخيرة على أطفالها؟

ألم يكن أحرى بنا، منذ اللحظة الأولى، ان نصغي الى صوت هذا الرجل الجليل ومشاعره ومنطقه وصدقه وحدبه ونقائه؟ ألم يكن افضل لغزة ان نبدأ بقمة عبد الله بن عبد العزيز بدل ان ننتهي اليها؟