على إسرائيل انتظار زعيم غير عرفات

TT

بعد 8 سنوات على اتفاق اوسلو، ووسط موجة العنف والارهاب الفلسطينية الاخيرة ودون التوصل الى اتفاقية سلام، على اسرائيل ان تسأل نفسها ان كان لها شريك للسلام على الطرف المقابل؟ وما هو مستقبل عملية السلام؟

ويتلخص جواب هذا السؤال الممض في فشل ياسر عرفات في البرهنة على انه شريك للسلام وانه ربما لن يكون كذلك في المستقبل. اذ كان عرفات يعي جيدا في كامب ديفيد ان لحظة الحقيقة قد حانت، وان لا بد للجانبين من اتخاذ القرارات المؤلمة اللازمة، ولكنه فشل في هذا التحدي ولم يكن على قدره. لقد كانت الحكومة الاسرائيلية، حكومتي، على استعداد لمناقشة اتفاقية تحافظ على المصالح الاسرائيلية الضرورية وفي نفس الوقت تقطع شأوا بعيدا في الاستجابة لاحتياجات الفلسطينيين، وبينها دولة فلسطينية مستقلة قادرة على البقاء وغير مقطعة الاوصال بجانب دولة اسرائيل. كما ان ذلك كان سيلبي قراري مجلس الامن رقم 242 ورقم 338 كما يفسرهما المجتمع الدولي. غير ان ياسر عرفات اثبت على افتقاده بصيرة وشجاعة الرئيس المصري انور السادات والعاهل الاردني الملك حسين، واضاع كل فرصة توفرت امامه لتحقيق سلام دائم لشعبه.

يجانب الصواب من يقول بأنه كان هناك من حاول املاء تفاصيل اتفاقية سلام على عرفات خلال مفاوضات كامب ديفيد، فالافكار التي كانت مطروحة على طاولة المفاوضات اشتملت على تنازلات مؤلمة للطرفين. ولكن عرفات لم يكن مستعدا للقبول بالافكار التي طرحها الرئيس الاميركي آنذاك بيل كلينتون كاطار للمفاوضات. كما لم يبدر عنه ما يكشف عن حسن نيته خلال المفاوضات، وكان هذا سببا في احباطي كما اعتقد بأنه احبط الرئيس كلينتون وفريقه ايضا. ان التأكيدات التي يروج لها الآن بعض المراقبين من خضوع عرفات لضغوطات ارغمته على المشاركة في كامب ديفيد رغما عن ارادته تبدو غريبة. فهو وقع على سلسلة من الاتفاقات التي تلزمه بالعمل على التوصل الى السلام في عام 1993، كما انه تسلم جائزة نوبل للسلام لتشجيعه على تنفيذ التزاماته تلك.

عمقت مفاوضات شرم الشيخ وتلك التي اجريت في باريس في اكتوبر (تشرين الاول) عام 2000 من شعوري بان اهتمام عرفات منصب اولا على تحقيق تدخل دولي في التعامل مع الازمة والتوصل الى ذلك باللجوء الى العنف. وهذا موقف لا يمكن القبول لأية حكومة به من جانب من يفترض انه شريك تفاوضي. وحاولنا محاولة اخيرة في مفاوضات طابا التي عقدت في يناير (كانون الثاني) عام 2001 ولكن لم تكن لتلك المفاوضات اهمية كبيرة لأننا كنا على اعتاب الانتخابات الاسرائيلية ولأن المفاوضين الفلسطينيين لم يطرحوا اي عروض جدية. وكنت آمل في تحقيق تقدم حقيقي، غير ان مفاوضات طابا انتهت الى اعتبارها لاغية باطلة بسبب حملة العنف والارهاب التي شنها الفلسطينيون علينا. وخلال الاشهر العشرة الاخيرة، واعتمادا على معلومات استخباراتية، فاني اعتقد ان عرفات يعمل على توجيه النشاطات الارهابية ويتغاضى عن العمليات الارهابية التي تنفذها حماس والجهاد الاسلامي.

ولا يزال عرفات يرفض اعادة اعتقال عشرات الارهابيين الذين اطلق سراحهم من السجون، كما انه لم يوقف التحريض الموجه ضد اسرائيل في الاعلام الفلسطيني، علاوة على انه لم يبذل جهدا ابدا في تثقيف شعبه حول السلام مع اسرائيل. وتحقيق هذه الامور يعد بالغ الاهمية حتى تفكر اسرائيل في البدء بالمفاوضات من جديد مع عرفات. وشخصيا لا اشعر بالتفاؤل ازاء توقعات قيام عرفات بذلك، فهو انتهك كل اتفاقية تقريبا وقع عليها مع اسرائيل.

كان الافتراض الذي انطلق منه اتفاق اوسلو ان نقل المسؤوليات الادارية في الضفة الغربية وغزة الى عرفات سيشجع في تحوله الى قائد دولة قومية، ولكن فشل عرفات المطلق في ان يكون على قدر هذا الافتراض هو السبب الرئيسي في الازمة التي نمر بها اليوم.

* رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ـ خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»