«أن ترمى على مصر»

TT

بدأ حصار إسرائيل لغزة في الخامس من تشرين الثاني، بعد يوم من هجوم إسرائيلي داخل القطاع، «كان الهدف منه، دون أدنى شك نسف الهدنة بين إسرائيل وحماس التي وقعت في حزيران الماضي»، كما تؤكد الأستاذة في هارفارد سارة روي. ردت حماس على الهجوم الواسع النطاق بالصواريخ، وبدأ العدوان غير المسبوق.

تقول روي، الأستاذة في معهد دراسات الشرق الأوسط (هارفارد) ومؤلفة كتاب «السلام الفاشل: غزة والصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني»، إنه كان للحصار هدفان أساسيان: الأول، تصوير الفلسطينيين في غزة على أنهم مجرد مشكلة إنسانية، مستوطنون لا هوية سياسية لهم ولا مطالب سياسية، والثاني رمي غزة على مصر. ولذلك غضوا النظر حتى الآن عن مئات الأنفاق التي تحولت إلى قطاع اقتصادي مستقل بين البلدين».

الذين كانوا يشككون في نظرية رمي غزة على مصر طلع عليهم جو بولتون في خضم العدوان بنظرية قديمة نائمة في أدراج الخارجية الأميركية: الحل النهائي هو في «إعادة» غزة إلى مصر ودمج الضفة في المملكة الأردنية، وهو المشروع الذي طرحه ثم سحبه ذات مرة الراحل أنور السادات.

ماذا حاصرت إسرائيل؟ لقد أغلقت أبواب ومنافذ قطاع تقول الإحصاءات الرسمية إن 49.1% من عماله يعانون من البطالة. والإغلاق الأخير، أو الإطباق الأخير، كان يعني أن لا مزيد من الأغذية والأدوية والوقود وقطع غيار الأجهزة الصحية والسماد والهواتف والورق والأحذية وحتى فناجين الشاي. وتفيد منظمة «أوكسفام» الخيرية أن 137 شاحنة فقط استطاعت الوصول إلى غزة في تشرين الثاني، أي بمعدل 4.6 شاحنات في اليوم، مقابل 123 يوميا في الشهر السابق و564 شهريا عام 2005.

ثمة مصدران رئيسيان للتموين في غزة؛ الأونروا، التي لن تنسى لبطرس غالي أنه نقل مقرها إلى أرض فلسطين من «أرض اللاجئين»، والمصدر الثاني مؤسسة برنامج الغذاء العالمي. على المؤسستين تتوقف إعالة 750 ألف شخص، ويحتاج ذلك لـ 15 شاحنة في اليوم على الأقل. وقد حدث طوال ثلاثة أيام في تشرين الثاني أن انقطعت الأونروا من المواد الغذائية، وكان ذلك يعني أن 20 ألف إنسان سيبقون دون طعام، أي مجموع الذين يتلقون مساعدات غذائية. وفي منتصف الشهر الماضي علقت الأونروا جميع أعمالها بسبب الحصار.