مشعل.. والآن معركة الأموال

TT

خرج رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل بخطاب متلفز، وبدت خلفه عبارة «وانتصرت غزة» قال فيه الكثير مما يستحق التأمل والتحليل، حيث حمل خطابه ملامح نوايا حماس المقبلة عربيا، ومستقبل العلاقات الفلسطينية ـ الفلسطينية.

وعد مشعل المتضررين من الهجوم الإسرائيلي على غزة بدفع تعويضات محددة، قال إنه سيترك تفاصيلها لإسماعيل هنية، إلا أنه تدارك وطالب الدول المتبرعة بعدم وضع المال في أيدي «الفاسدين» قاصدا السلطة الفلسطينية. فقد قال مشعل مخاطبا قادة الدول المتبرعة «أقول لكم: هذا المال.. دققوا أين تضعونه، في أي أيد تضعونه، لا تضعوه في أيدي الفاسدين»، مضيفا «إما أن تضعوه في يد حكومة إسماعيل هنية.. والخيار الآخر أن تتولوا بأنفسكم بأية طريقة تريدونها برامج الإعمار».

ومن هنا يتضح أن المعركة القادمة في غزة هي معركة الأموال، لا معركة ترتيب البيت الفلسطيني، رغم كل ما حل في غزة. فمن كلام مشعل يتضح أنه ليس المهم انقاذ القضية الفلسطينية، بل في يد من ستوضع الأموال!

وغريب أن مشعل يعلن النصر رغم قتل قرابة 1330 فلسطينيا، وهدم 4000 منزل في غزة، ناهيك عن 5300 جريح، ثم يعود ليتحدث عن «وسخ الدنيا» أي الأموال، رغم انه هو القائل إن الألم عابر، والأذى عابر، أوليست الأموال من ضمن ما هو عابر أيضا؟

والسؤال هنا هل الأموال أهم شيء عند «المنتصر».. أهم من الأرواح والدمار، وأهم من وحدة الصف الفلسطيني؟ خصوصا أننا نعرف أن المنتصر لا يتمنى، بل يفرض شروطه، لأن أهم شروط الانتصار فرض واقع على الأرض، والواقع اليوم يقول إن حماس ما زالت تطالب بالمطالبات ذاتها، وهي رفع الحصار وفتح المعابر!

أحد الزملاء نبهني إلى أن عبارة «وانتصرت غزة» التي وضعت خلف مشعل مضللة، مثلها مثل العبارة التي وضعت خلف جورج بوش قبل ثلاث سنوات عن العراق، والتي كتب عليها «اكتملت المهمة». وهذا ما سيتنبه له الناس اليوم، وهم يرون حجم الكارثة في غزة.

مشعل المقيم في دمشق خير من يعلم، بأن لا أحد ممن تاجروا بدماء غزة قد هب لنجدته، بل كل ما أخذه أهل غزة من أصحاب الشعارات هو المدفعية الكلامية.

وعليه فإذا أرادت حماس تغيير واقع، من أجل أهل غزة، ومن أجل الفلسطينيين ككل، فلابد من لم الشمل الفلسطيني أولا، كما أن على العالم العربي الآن عدم ابتلاع الطعم الذي يريد تكرار ما فعله حزب الله في لبنان بعد حرب 2006، حيث أعلن نصر الله «النصر الالهي» ووجه سهامه نحو الحكومة اللبنانية واتهمها بالخيانة، وبذلك وجه النقمة الشعبية إلى اتجاه آخر غير حزب الله، ويبدو أن هذا ما تفكر حماس بفعله اليوم.

ولذا، فعلى الدول المتبرعة ضمان ايجاد آلية دولية شفافة، وخاضعة للمراقبة، من أجل ايصال الأموال إلى مستحقيها في غزة، كما أنه على العرب الاستفادة من مبادرة المصالحة السعودية، التي غمز من سهمها مشعل في خطابه، وإلا فإننا بانتظار مغامرة جديدة، وعربدة إسرائيلية أخرى!

[email protected]