هل اعترفتم بـ«القاعدة»؟

TT

مد الرئيس أوباما يده إلى العالم الإسلامي، ووجّه إليه تحية في خطاب التنصيب، كما أمضى يومه الأول في البيت الأبيض في اتخاذ قرارات تاريخية، كان أهمها إغلاق معتقل جوانتانامو وسجون الاستخبارات الأميركية المخصصة للإرهاب.

كما باشر أوباما الاتصال بقيادات المنطقة، والحديث عن قضايا العالم العربي والإسلامي، لإظهار عزمه على متابعتها من اليوم الأول لرئاسته، كما تمت تسمية مبعوث واشنطن للشرق الأوسط، والمبعوث الخاص بباكستان وأفغانستان.

قرارات أوباما وخطاباته المنطوية على حسن نية تجاه منطقتنا جاءت الردود عليها متباينة، لكن أغربها كان دعوة الزعيم معمر القذافي واشنطن إلى مراجعة مواقفها تجاه أسامة بن لادن، وإعطائه فرصة للإصلاح، وإمكانية محاورة بن لادن ومعرفة دوافعه.

الأمر نفسه فعلته الجماعة الإسلامية المصرية، لكنها توجهت إلى «القاعدة» لا واشنطن، حيث طالبت الجماعة تنظيم القاعدة بإعلان هدنة لمدة أربعة أشهر مع الغرب، وإعطاء أوباما فرصة للتأكد من مواقف الرئيس الأميركي العادلة.

والطريف أن الجماعة الإسلامية المصرية تطالب التنظيم الإرهابي بعدم تحويل أوباما إلى بوش آخر! فهل هذا يعني أننا اعترفنا بـ«القاعدة»؟ وهل دعوة الجماعة الإسلامية تعني أنه في حال لم يقم أوباما بما يرضي «القاعدة» فإنه من حق التنظيم الإرهابي فعل ما يشاء؟

وفي حال الحوار مع «القاعدة»، فمَن المخول بتمثيل «القاعدة» في هذا الحوار؟ وأكثر ما أخشاه أن تخرج لنا إحدى الدول المتعطشة إلى دور إقليمي أو دولي وتدعو إلى مؤتمر مصالحة مع «القاعدة» على أراضيها!

المحبط في هذا الطرح أنه يظهر أننا لم نستوعب بعد خطورة فكر «القاعدة»، وماهية أهدافه، رغم كل جرائم التنظيم الإرهابية، ليس في الغرب وحسب، بل وحتى في دولنا العربية منذ ثمانية أعوام.

وأكبر خطأ نرتكبه هو عندما نعتقد بأن مجرد تغيير قناعة شخص ينتمي إلى «القاعدة» فإننا قد أضعفنا التنظيم، فلو افترضنا جدلا، وهذا أمر غير وارد، أن أسامة بن لادن نفسه أعلن ندمه على ما اقترفه بحق البشرية، والدين الإسلامي، فهل هذا يعني نهاية «القاعدة»؟

بالطبع لا، فكما يقال فإن السيل سيجد مجراه حتى لو تم منعه، وسيظهر من يزايد على زعيم «القاعدة» ويعلن أن بن لادن لم يعد يمثلهم، ويتجاوزونه بكل سهولة، وقد يقومون بتصفيته أيضا.

خطورة «القاعدة» ليست بأفرادها وإنما بفكرها، ومجرد الدعوة إلى الحوار مع «القاعدة» دليل على حجم القصور في نظرتنا وفهمنا لما هو خطر علينا، قبل أن يكون خطرا على الغرب، فما نحتاجه هو مجابهة خطر فكر «القاعدة» أكثر من أفرادها.

وما نحتاجه هو أن نعمل بكل طاقاتنا للقضاء على هذا الفكر، ومحاربته بالفكر، وعدم إظهار أي تساهل معه، ناهيك عن التلويح بإعطائه الفرصة للحياة، فمعنى هذا الكلام أننا نمنح هذا الفكر المتطرف المشروعية والفرصة في الحياة من جديد.

مهم التفاعل مع واشنطن أوباما، خصوصا حيال ما يعنينا، لكن إذا كانت ردود فعلنا هي بهذا الاتجاه فهذا أمر محبط، ليس لواشنطن، بل لنا نحن أبناء المنطقة، المتطلعين إلى مستقبل أفضل!

[email protected]