على رأي المثل

TT

فاجأني شخص لم تربطني به سابق معرفة بابتسامة ونحن واقفان في طابور السوبر ماركت لدفع ثمن المشتريات. ابتسم وقال: اقلب القدرة على فمها تطلع البنت لأمها. للحظة لم أستوعب أن ما قاله هو إشارة إلى أنني استخدمت هذا المثل الشعبي لدعم رأيي في تأثير الأم علي بناتها في حلقة من برنامج تلفزيوني أشارك في تقديمه. ولكن سرعان ما تذكرت، فرددت الابتسامة وقلت له إنه متابع جيد، ثم انصرف كل منا إلى سبيله.

والحق يقال إنني أحفظ الكثير من الأمثال وأقتني العديد من المجلدات التي ترصدها في كافة البلدان العربية، وكثيرا ما ألجأ إلى الحكمة التي تنطوي عليها الأمثال لكي أعبر عن رأيي. وقد أسعفني مثل شعبي آخر بعد أن شاهدت مع المشاهدين وسمعت مع المستمعين خطاب الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما. وبعد انتهاء اليوم الأول كنت قد استمعت إلى ردود الفعل العربية وغير العربية المحملة بالتفاؤل والأمل من أن الفارس الأسمر، الذي يحمل اسم حفيد رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام أتى لإنقاذ العالم من تركة جورج بوش التي خلفت دمارا شاملا في كل بقعة من بقاع الأرض بما فيها الولايات المتحدة، إذا اعتبرنا انهيار الاقتصاد دمارا شاملا.

ولكن أبى حبي للأمثال أن يتركني في حالي وإذا برغبة قوية تتملكني في أن أجهر بالقول لكل واحد من هؤلاء بأن احترس وإلا: طلع نقبك على شونة.

النقب أي التنقيب وهو التفتيش، والشونة هي كومة قش كبيرة. فتشوا كما يحلو لكم، فالفارس الذي سارع إلى إغلاق معتقل غوانتانامو وقرر تعيين جورج ميتشل كمبعوث للشرق الأوسط فعل ما كان متوقعا. فالإجراء الأول يدعم صورة الأميركي إذا نظر إلى نفسه في المرآة الوطنية. والإجراء الثاني يؤجل الحسم في القضية العربية ويخدم أغراض برو العتب. ولكن الرئيس الجديد لم يشر إشارة واحدة إلى اغتيال غزة وتدمير بنيتها التحتية وبيوتها وقتل أطفالها بالصواريخ والقنابل الفسفورية. لم تخرج من بين شفتيه ضرورة أن يعيش الفلسطينيون في أمان مثل الإسرائيليين. لم يذكر ضرورة وضع حد لقانون الغابة الذي يقنن افتراء القوي على الضعيف. وحين خاطب العالم الإسلامي تظاهر بأنه يمد يدا للسلام ولكنها كانت يدا ترتدي قفازا سميكا يحمي لابسه من ملامسة الآخر.

في المدارس والجامعات الغربية يمنحون الطالب الناجح درجات مستوحاة من الحروف الأبجدية. الدرجة النهائية هي أ وهي درجة الامتياز وتليها ب وتقابلها في الدرجات العربية درجة جيد جدا وبعدها س وتقابلها في الدرجات العربية درجة مقبول. في اليوم التالي لخطاب التنصيب منح أحد مشاهير المعلقين الصحافيين في بريطانيا خطاب أوباما درجة تقل عن ب وتزيد على س. أي أن الخطاب في رأيه كان أفضل من مقبول وأقل من ممتاز أو حتى جيد جدا.

أصحاب التفاؤل يقولون إن الرئيس الجديد يستحق فرصة، والفرصة قائمة شئنا أم أبينا. كما أن دينس روس وروبرت جايتس موجودان في الإدارة الجديدة وقد اغتنما مئات الفرص من قبل ولم يحصلا على أ أو ب أو حتى س. ومن يدري ربما نكتشف أن هيلاري كلينتون أفضل من سمراء الوجه والقلب كوندي رايس.

وتبقي مسألة الأمثال الشعبية حية وقوية ومنها: تحلف لي أصدقك وأشوف أمورك أستعجب.