صدق وكذب في بيت واحد!

TT

أعرف الشاعر العنيف كامل الشناوي، الذي كان له الأثر العميق في حياتنا الصحفية.. فقد كنا نمشي وراءه أينما ذهب. كنت أعمل محررا في جريدة «الأساس» سنة 1948. تركتها عندما صدرت «الجريدة المسائية» التي يرأس تحريرها كامل الشناوي. أغلقت الحكومة هذه الجريدة، فذهبنا مع كامل الشناوي إلى «الأهرام» سنة 1950. وتركت «الأهرام» بعد سنتين لنذهب مع كامل الشناوي إلى دار «أخبار اليوم». وفي كل هذه الرحلات الصحافية كان هو الذي يتكلم باسمنا.. يطلب لنا ما لا نجرؤ أن نطلبه من مرتب أو إجازات أو علاوات.

وكنا من دراويش كامل الشناوي. وكان هو الفنان ومخترع النكت. واكتشفنا أنه كان وحده محطة إذاعة وتليفزيون، وكان رواده وأصدقاؤه من كبار الفنانين والأدباء والوزراء من كل لون سياسي.. فكانوا كنوزا صحفية وفنية. وكان هو ظاهرة صحفية أدبية سياسية لا مثيل لها.. وكان كامل الشناوي صاحب قدرة فذة على إلقاء الشعر. وكانوا يطلبون إليه أن يلقي شعر شوقي وحافظ. وكان موهوبا في الإلقاء العميق..

وكان من عادته إذا نظم شعرا له أن يلقيه، وأن يحرص على أن يرى صداه في عيوننا. وكنا نقول: الله يا كامل بك.. الله يا أستاذ.

وكانت قصيدته الشهيرة التي يقول فيها:

كوني كما تبغين

لكن لن تكوني!

فأنا صنعتك من هوايا

ومن جنوني..

ولقد برئت من الهوى

ومن الجنون..

يريد أن يقول: إنها لا تستطيع أن تكون شيئا، فهو الذي صنعها.. هذا صحيح..

ولكن ليس صحيحا أنه لم يعد عاشقا ولا مجنونا..

.. وإلا ما كان شاعرا!