مخاطر طموحات أوباما

TT

أُنتخب باراك أوباما ليكون ترياقا جزئيا للطموح. وعلى النقيض من جون كينيدي، الذي دشن حملة انتخابية ضد الرضاء الذاتي من لعب الغولف في عهد أيزنهاور، راق أوباما لدولة مرهقة من قدر كبير من الإجهاد القومي، فالدولة تتوق إلى الوصول إلى حالة سوية بعيدة تماما عن الحروب، والأعاصير، والفيضانات، والبلايا الأخرى التي تم تصنيفها على مدار سنوات ولاية بوش.

ولكن بعد من يوم التولية، بات مقياس الطموح لدى أوباما جليا. وأنا لست بصدد الإشارة إلى خطة المحفزات الخاصة به، التي تميل نحو المحدودية والتقليدية. لقد تم تصميم التخفيضات الضريبية الخاصة بأوباما لتحسين تدفق الأموال الأسرية، إلا أن هذا الأمر يعتبر القانون الحديدي لحزم المحفزات، فالتخفيضات الضريبية المؤقتة لا ينجم عنها إلا نتائج مؤقتة، مثل تقديم القهوة إلى شخص جائع بدلا من تقديم وجبة له. ويحظى الإنفاق على البنية التحتية المقترح من قبل أوباما بجاذبية، على غرار لينكولن، لتشجيع «التحسينات الداخلية»، وهو ما يزيد التوقع أن الإنفاق العام من المحتمل أن يكون له مصلحة عامة دائمة. وهناك خط رفيع للغاية بين البنية التحتية، وبين التمويلات الحكومية التي يُرغب منها الحصول على تأييد الناخبين، وهو الخط بين بناء جسر يمكنه تعزيز النمو الاقتصادي، ودهن وتزيين جسر، الذي من شأنه توفير القليل من العمالة لبضعة أسابيع، ولا يُعرف عن الكونغرس على وجه الخصوص أن بإمكانه اجتياز تلك الخطوط الرفيعة. إن خطة أوباما الاقتصادية غالية بالفعل، إلا أنها ثورية بالكاد، وأقل كثيرا من أن تكون «اشتراكية». وفي الحقيقة، يستحوذ الرؤساء الأميركيون على القليل من الخيوط المحركة الطويلة بالقدر الكافي لتغيير الاقتصاد القاري، وخلال الشتاء الاقتصادي، يقومون بجرف وكسح الجليد، ثم يحوزون على الثقة والتصديق خلال فترة الربيع. ومع ذلك، بات واضحا أن هناك منطقتين أخريين طموحتين تعهد أوباما بهما خلال الحملة الانتخابية.

أولا: اقترح أوباما أن يطالب جميع الشركات، فيما عدا الصغيرة منها، بتوفير التغطية الصحية للموظفين، أو دفع ضريبة. كما سيُنشئ أيضا خطة تأمين، حكومية الإدارة، مماثلة لمديكير، والتي ستنافس شركات القطاع الخاص في تغطية غير المؤمن عليهم. وتكمن المشكلة في: على اعتبار أنه من الممكن أن تفرض الحكومة سيطرة على الأسعار، يمكنها أن تجعل الخيار العام أكثر رخصا. وستحظى الشركات، المرهقة من التعامل مع أعباء الرعاية الصحية المعقدة، بحافز يمكنها على أساسه إسقاط موظفين من التغطية، كما سيحظى الأشخاص ممن لا تشملهم التغطية على حافز يتمثل في الالتحاق بالنظام العام، وهو ما يحقق التأميم الشامل للرعاية الصحية عن طريق خطوات صغيرة.

وتتمثل ركيزة الطريقة البيئية التابعة لأوباما في «غطاء واق للاقتصاد، وبرنامج تجاري»، وهي مصممة للحد من إنتاج غاز الصوب الزراعية. إلا أن هذا سيمثل ضريبة كبيرة على استخدام الوقود الحفري، في اقتصاد تعتبر أسعار النفط المنخفضة فيه أحد مصادر الأخبار الجيدة القليلة. وإذا ما شق أوباما طريقه قدما مستخدما نظام التجارة، والغطاء الواقي النشط، سيجد المعارضين الديمقراطيين والجمهوريين، المركزين على الوظائف بصورة استثنائية، الكثير من الأعذار للجمود التشريعي. أما إذا قام بتقسيم النظام على مراحل بطيئة للغاية، فسيقوض من تصريحاته ووعوده التي تشير إلى العجلة. وإذا ما تخلى عن نظام التجارة والغطاء الوقائي لصالح الاستثمار في بنية تحتية اقتصادية، مثل شبكة طاقة أكثر فعالية، ومبان عامة تعمل بالطاقة الشمسية النظيفة، فسيحصل على ما يرغبه فعليا، كما سيتم انتقاده أيضا وبشدة لتخليه عن التزامه الجاد. وخلال الحملة، انتقدت أوباما أحيانا لضعف وضوحه وطموحه، ولكن مع ظهور التوضيحات، باتت طموح تعهدات حملته الانتخابية أكثر وضوحا.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»