مشكلة حماس وإيران.. «الاستيعاب هو الحل»

TT

أثبتت أحداث غزة الأخيرة أن حركة حماس رقم صعب في معادلة الصراع العربي الفلسطيني يستحيل تجاهله، كما أثبتت حماس من قبل حين انتصرت بالأغلبية في الانتخابات التشريعية الفلسـطــــينية أنها أيضا رقم أكثر صعوبة في المعادلة السياسية الفلسطينية، وعدم إدراك هذه المعادلة أدخل الدول العربية في متاهات صراع عقيم استفاد منه العدو في إثخان الجراح الفلسطينية، واستغلته إيران في لخبطة الأوراق العربية، وقد حان الوقت للتغيير.

حماس بقيادتها للصمود الفلسطيني ضد الهجمات الإسرائيلية الوحشية، مع قلة إمكانيات المقاومة الفلسطينية وعدم تكافؤ ميزان القوى، جعل عدوتها إسرائيل في موقف محرج على الصعيدين العسكري والسياسي، وهو ما تجلى في إيقاف العمليات العسكرية الإسرائيلية من طرف واحد وبدون إبرام أي اتفاق، ولم تحقق إسرائيل من هجماتها البرية والبحرية والجوية أيا من الأهداف الجوهرية، فهاهي حماس ما لبثت تمسك بزمام السلطة في قطاع غزة، بل إنها خرجت من هذه الحرب أكثر تأهيلا على المستوى العسكري، ومع أن الكثير راهن على تمرد فلسطينيي غزة على حماس بسبب حجم الدمار الهائل الذي ألحقته آلة الدمار الإسرائيلية الرهيبة بالبنية التحتية لقطاع غزة، إلا أن الأخبار لم ترصد ضيقا أو تململا من فلسطينيي القطاع، ناهيك أن تنظم هناك مظاهرات أو مسيرات أو احتجاجات ضد حماس.

هذا النجاح الذي حققته حركة حماس ولو نسبيا في إدارة دفة المقاومة، مما أكسبها شعبية في العالمين العربي والإسلامي، يحتم على الحكومات العربية المؤثرة أن تعيد النظر في سياسة تعاملها مع حركة حماس، وقد آن الأوان لاستيعابها وعدم تهميشها كما صرح بذلك أردوغان رئيس الوزراء التركي، فقد أدى التهميش والتضييق على الحركة وفي المقابل التأييد المطلق لحركة فتح ذات الامتداد الشعبي الهزيل في فلسطين والعالم العربي، إلى لجوء حركة حماس مضطرة إلى توثيق العلاقات مع إيران، التي نفذت، من خلال دعمها لحماس، إلى تحقيق مكتسبات سياسية في المنطقة، وإرباك حسابات الدول العربية المهمة، وليس من المنطق مساءلة حماس عن تلقيها الدعم من إيران في الوقت الذي تحجم فيه الدول العربية المؤثرة عن دعمها ومساندتها والاستفادة منها كورقة ضغط في المفاوضات مع الغرب.

ليس ثمة ما يقطع به الطريق على إيران ومخططاتها في منطقة الشرق الأوسط، مثل توثيق علاقة الدول العربية المحورية بحماس ودمجها في العملية السياسية الفلسطينية وعدم مصادرة إنجازاتها السياسية التي حققتها من خلال صناديق الاقتراع، فالمشتركات التي تجمع حماس بالدول العربية المحورية مثل السعودية ومصر، أكبر بكثير من تلك التي تجمع حماس بإيران، وأكاد أجزم بأن مشاركة سياسية معقولة لحماس في إدارة دفة السلطة الفلسطينية مع زميلتها فتح سيجعل حركة حماس تغض الطرف عما تقرره الدول العربية في موضوع عملية السلام مع إسرائيل، وستتخلى تدريجيا عن إيران، وفي الوقت نفسه إذا تقدمت الحكومات العربية لحركة حماس شبرا، فعلى حماس أن تتقدم لها ذراعا، وإذا أتى إليها أشقاؤها العرب يمشون، فعلى حماس أن تأتيهم هرولة، فأشقاؤها أولى بها من إيران والعكس صحيح.

وبما أننا مقبلون على انتخابات رئاسية وبرلمانية فلسطينية، فإن من المتوقع أن تسحق حماس هذه الانتخابات بانتصار كبير، وعليه، فليس من المنطق أن يرمى على حماس بفتات الوزارات، وليس عدلا ألا تبنى المشاركة السياسية والأمنية بناء على المحاصصة الانتخابية، وسيكون الظلم أكثر فداحة إذا ضيق عليها وعلى فلسطينيي غزة بالحصار الجائر وممارسة الموت البطيء عبر خنق ولي المعابر على رقبتها ورقبة الغزاويين، ثم يقال لها في النهاية: كوني في الهامش ولو انتصرت في الانتخابات، ولا تقاومي المحتل، ولا تتقبلي المساعدات من إيران.

[email protected]