فرصة أوباما لبناء إرث مشرف

TT

كان الرئيس الأميركي جورج بوش قد شرع في مشروع بخصوص المحيط، يشبه ما سبق أن قام به الرئيس ثيودور روزفلت، عندما أنشأ نظام المتنزهات الوطنية، حيث ستعلن الإدارة عن خطة لبناء منطقة وطنية لحماية 195.000 ميل بحري مربع داخل المحيط الهادي ـ ما يفوق مساحة ولاية كاليفورنيا ويزيد على مساحة المتنزهات الوطنية الأميركية كافة بنسبة 50% تقريبا. وطبقا للمشروع الجديد، ستخضع مساحات شاسعة من أكثر الكنوز الطبيعية قِدما، بما في ذلك المرجان ذي الأشكال الرائعة، وأعمق الأودية الضيقة على مستوى العالم، لحماية القانون، وستُمنح الفرصة كي تزداد قوة.

بيد أن أكثر ما يلفت الانتباه بالنسبة لهذه الخطوة الجديدة، هو الفرصة الجديدة التي تظهر أمام الرئيس الأميركي باراك أوباما. معلوم أن المحيطات تغطي 71% من مساحة كوكبنا، وهي بذلك تشكل نظاما داعما للحياة على الأرض، حيث توفر الجزء الأكبر من الأوكسجين الذي نتنفسه، والكثير من الطعام الذي نتناوله. وباعتبارها المحرك المحدد لمناخ الكوكب، تشكل المحيطات الجبهة الأمامية في التصدي للتحديات التي تجابه الأرض، خاصة أنها تمتص نصف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، التي نطلقها في الغلاف الجوي، علاوة على امتصاصها قدرا من الحرارة الناجمة عن انبعاثات غازات الدفيئات الزجاجية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، أكبر مما تمتصه جميع الغابات المطيرة على سطح الأرض. وفي الواقع، تعد المحيطات بطل معركة التصدي للتغيرات المناخية، لم يحظ بما يستحقه من تقدير بعد، لكنها في الوقت ذاته تعد أكثر الضحايا عرضة للخطر.

وعلى الرغم من أن مشروع حماية المحيطات يشكل تقدما كبيرا، فإنه لا يزال هناك الكثير الذي ينبغي فعله على هذا الصعيد. وبصورة عامة، تتنوع التأثيرات التي تخلفها التغيرات المناخية على المحيطات، بل إن ارتفاع درجات حرارة الهواء والمياه فقط أسفر عن عدد من التغيرات، منها ذوبان الثلوج في البحار المجمدة، وحدوث تحولات في دوران مياه المحيطات، وارتفاع مستويات مياه البحر، ووقوع موجات مناخية متطرفة، وظهور تغيرات أضرت بالأسماك وعناصر الحياة البحرية الأخرى. ونحن من جانبنا، داخل مجلس الحفاظ على المحيطات، نحث إدارة أوباما على المضي قدما على النهج الذي بدأه الرئيس بوش، من خلال تعزيز حماية المحيطات لضمان سلامة كوكبنا. وبمقدور أوباما الشروع في بناء موروث حقيقي على هذا الصعيد، من خلال اتخاذه الخطوات التالية: أولا: إصدار أمر ملزم بضرورة أن يجري النظر بعين الاعتبار قبل اتخاذ أي إجراء معني بتناول التغيرات المناخية إلى التأثير الذي سيخلفه هذا الإجراء على المحيطات التي نطل عليها.

ثانيا: التركيز على القطب الشمالي. يذكر أن منطقة القطب الشمالي، التي يصفها البعض بجهاز تكييف هواء الكرة الأرضية، تعاني بالفعل من بعض أكثر التحديات ضراوة المرتبطة بالتغيرات المناخية.

ثالثا: إقرار النظام في المحيطات. فمن المعروف أن بلادنا تتمتع بسواحل بحرية ممتدة، في الوقت الذي تواجه محيطاتنا موجة غير مسبوقة من الأنشطة المتنوعة بين مزارع الرياح، لتوليد طاقة أخرى، وعمليات الصيد التجاري، والاستجمام بصوره المتنوعة، وعمليات التنقيب والشحن. ولذا، فإننا بحاجة عاجلة لخطة شاملة تتناول الاستخدامات الكثيرة للمحيطات، بما يضمن الحفاظ على مواردها. ومن شأن اتخاذ هذه الخطوات الأولية، بالإضافة إلى وفاء أوباما بتعهده بالتصدي للتغيرات المناخية، تمهيد الطريق أمام إقرار موروث رئاسي يفخر به أوباما ويحسده عليه روزفلت.

* رئيسة مجلس الحفاظ على المحيطات

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»