أحلام المدينة المؤجلة!

TT

يقولون في الأمثال: «كلام العاقل ينقص النصف»، وذلك يعني أن الناس تقبل ولو بنصف ما يعد به العاقل، لأن الدنيا قد لا تأتي على هواه، ولا تستسلم لمنطقه، وبالتالي فهم يمنحونه العذر، ويعتبرون تحقيق نصف الوعود خيرا وبركة. وأمين مدينة جدة المهندس عادل فقيه واحد من المشهود لهم برجاحة العقل، وصدق القول، وإخلاص العزيمة. ومما نشرته صحيفة «عكاظ» من تعهداته بعد التجديد له بأربع سنوات أخرى، أن «تشهد جدة في الأعوام المقبلة نقلة نوعية في مختلف المجالات تسهل سبل الحياة، ويسر المعيشة، عبر تبني مبادرات طموحة تعالج أزمات النقل، والعشوائيات، وتوفر بنية تحتية إلكترونية»، وأن ثمة مشروعا ضخما للعناية بالواجهة البحرية يتيح لذوي الدخل المحدود مشاهدة البحر دون الحاجة إلى دفع مبالغ مالية للمستثمرين، وأن مواصفات هذا المشروع كفيلة بجعله فريدا من نوعه، لا على مستوى الشرق الأوسط، وإنما على مستوى العالم، وتعهدات أخرى قد لا يتسع المجال لذكرها.

والحقيقة أن قراءة هذه التعهدات وغيرها للأمين جعلتني أنسى تعهداتي السابقة لنفسي، بأن لا أصدق أي تعهدات يطلقها أي أمين لهذه المدينة، قبل أن تتحول إلى واقع، فما أكثر ما سمعت من أمناء سابقين عن خطط، وبرامج، ومشروعات، لم تجد طريقها قط إلى عالم الواقع، وظلت مجرد مشاريع على الورق، لو جمعت لفاض منها ما يمكن أن نتصدق به على الكثير من مدن العالم. لكنني أجد نفسي هذه المرة في مواجهة تعهدات المهندس عادل فقيه، أمين المدينة، أحاول ـ ومن غير ليه ـ أن ارتدي «المنى»، وأنضم إلى صفوف المتفائلين، بإمكانية أن يتحقق ولو نصف ما تعهد به الأمين.

ومما حفزني على التفاؤل مطالعتي للرؤية التنموية لمنطقة مكة المكرمة، التي أصدرها مجلس المنطقة، وتضمنت منظومة من الرؤى العلمية التي تحاول تحديد الحاجات، واستشراف المستقبل، حتى ليمكن القول بأن بين تعهدات الأمين والرؤية التنموية للمجلس، تناغما، خصوصا أن مدينة جدة وحدها تضم نصف العدد الإجمالي لسكان المنطقة تقريبا.

ومنذ الآن إلى أربع سنوات قادمة، ستظل جدة، بسكانها، وأحلامها، وأمانيها، تفتش في قوافل الزمن الآتية، بحثا عن تباشير ما تعهد به الأمين، فهذه المدينة التي وصفها الأديب السعودي الكبير أحمد السباعي ذات يوم بأنها «السباقة إلى كل جديد، الجريئة في اصطناع كل موضة»، تستحق بتاريخها، وسيكولوجيتها، وأسبقية انطلاقتها، أن تكون دائما في المقدمة.

[email protected]