من درر الأدب الغرافيتي

TT

تعطي الإعلانات المجال الحي للتعليقات الظريفة. قرأت في ردهة الولادة لمستشفى سان جورج إعلانا يقول «الدقائق الثلاث الأولى أخطر دقائق في حياة الإنسان». قرأ أحد الظرفاء هذا الإعلان؛ فأخرج قلمه وأضاف «ولكن الدقائق الثلاث الأخيرة من حياة الإنسان أكثر خطرا وبلاء». وفي غرفة الانتظار كتبوا، من باب التحذير «الرجال ينشرون الأمراض الزهرية»، فعلق عليها أحد المرضى قائلا «ولكن بمساعدة المرأة!».

وفي لوحة إعلانات إحدى الكنائس الشرقية علقوا هذا الإعلان «الموت ثمن الخطيئة»، وتحته كتب أحد الشباب قائلا «ولكن من دفع الثمن يستطيع أن يتجاهل هذا الإعلان».

وفي حملة لتشجيع الانخراط في القوات المسلحة، نشروا ملصقات مصورة تحمل هذه العبارة «الجيش يصنع الرجال»، وتحتها وردت هذه الكلمات بخط رقيق «كم يتقاضون مني ليصنعوا لي واحدا؟.. روزا ماري».

في إعلان لسيارات «فيات» الإيطالية كتبوا هذه الكلمات الرنانة «صمَّمها الكومبيوتر، وكتم أصواتها الليزر، وقامت ببنائها الأجهزة الإلكترونية». وأضاف أحد الشبان هذه العبارة «ويقوم بقيادتها الحمقى والمجانين».

من الإعلانات الصيدلانية المألوفة في بريطانيا إعلان يقول «لا شيء يقضي على الصداع بسرعة أفضل من (ألادين)»؛ فكتب أحدهم تحت الإعلان «إذن، فاستعمل لا شيء».

المراحيض والحمامات هي الساحة المعتادة التي يفرغ على جدرانها الرجال أعز أفكارهم الخصوصية والسرية. ولطالما ألفنا ذلك، ولكنني كثيرا ما تساءلت: هل تفعل النساء مثل ذلك في أماكنهن الخاصة؟ سنحت لي الفرصة لاستكشاف ذلك عندما اضطرت إدارة محطة ويمبلدون إلى غلق المراحيض الرجالية لتنظيفها، وسمحوا لنا أثناء ذلك باستعمال المراحيض النسائية. ولم يسمح لهم الوقت لمسح ما كُتب على حيطانها. ويا لهول ما قرأت! بيد أن في البريء مما قرأتُ من عبارات ما يغذي العقل، كهذه العبارة التي كتبتها إحدى الفتيات «الحياة بدون رجل مثل (ساندويتش) بدون لحم».

كتبت سيدة أخرى تسأل صاحباتها «ما الذي يجمع حقا بينكن وبين أزواجكن؟»؛ فأجابت عليها إحدى زبونات الحمام «ما نشترك فيه أنا وزوجي هو أننا تزوجنا في نفس اليوم!».

بالطبع، كثيرا ما يركز الأدب الغرافيتي على الأمور الجنسية. ورغم أن البكارة لم تعد تشغل بال الأوروبيين والأوروبيات، فقد وجدت هنا الكثير مما كتب بصددها، علما بأن معظم زبونات مراحيض هذه المحطة من تلميذات مدرسة ويمبلدون الثانوية. عبرت إحداهن عن تصورها بكتابتها بقلم الرصاص على الحائط «البكارة مثل البالون.. وَخْزَة واحدة.. ويفش البالون، ويسقط!».

ويظهر أن شابا استطاع أن يتسلل قبلي إلى هذه المراحيض النسائية؛ فخط على الحائط هذه الكلمات «إلى كل الصبايا الأبكار، لا شكر لَكُنَّ على الفضل». وبقلم سميك أحمر كتبت إحداهن هذا الإعلان «إلى كل الزميلات العذراوات. سيكون لنا اجتماع في هذا المكان عند الساعة الرابعة. الاجتماع مقصور على العذارى فقط».