امرأة تجسد أزمتنا الحالية

TT

لدى الفرنسيين تمثال ماريان الرائع، ولدى البريطانيين تمثال بريطانيا الجذاب، ولدينا تمثال الحرية. ولكن، هل يحق لي اقتراح شعار نسائي جديد لوقتنا الحالي، على الأقل خلال مدة الركود الحالي.

مارفان هلترمان، من مدينة أفندال في ولاية أريزونا، حصلت بعد أن بلغت الواحدة والستين من عمرها، وبعد 13 عاما قضتها في البطالة وعلى الأقل نفس عدد الأعوام تعيش على الدعم الاجتماعي، على رهن عقاري. حصلت عليه منذ أقل من عامين، حصلت عليه مع أنه في فترة كان لديها 23 شخصا يعيشون في الوقت نفسه داخل المنزل، الذي يبلغ 576 قدما مربعا وبه حمام واحد، وبعض المباني الملحقة الآيلة للسقوط. حصلت عليه مقابل 103.000 دولار، وهو مبلغ يتجاوز قيمة المنزل بدرجة كبيرة. ومنذ ذلك الحين، أعلن أن المكان غير صالح للاستخدام. سردت هذه القصة، التي هي قصة أميركية حتى النخاع، مرة أخرى في وول ستريت جورنال أخيرا. ولأنها سردت خلال أيام الأجازة الطويلة، من الممكن أن تكون أنت، وبالأحرى أعضاء في الكونغرس أو، لا سمح الله، هيئات المراقبة الحكومية المتعددة، لم تنتبه إلى هذه القصة. إنه التفسير الوحيد الممكن لعدم وجود أحكام إعدام، ناهيك عن عمليات القبض.

لم يكن منزل هلترمان في يوم من الأيام نموذجا يقاس عليه. ضربت بها المدينة المثل بسبب القمامة (ملابس وإطارات... إلخ) الموجودة في المنطقة الخضراء داخل منزلها. ومع ذلك، أعطتها مؤسسة تمويلية محلية تحمل اسم «انتغريتي فيندي إل إل سي» رهنا، يقيم المنزل بضعف قيمة أي منزل شبيه أو قريب من مستواه.

وحسبما ما قالته «وول ستريت جورنال»، فإن المؤسسة المالية المحلية، قامت بعد ذلك ببيع القرض إلى «ويلز فارغو آند كموباني»، التي قامت بعد ذلك ببيعه إلى «أتش إس بي سي هولدنغز بي إل سي»، التي قامت بجمعه مع الآلاف من الرهون الأخرى المعرضة للمخاطرة لتقدم وجبة عسيرة الهضم للمستثمرين. وبعد قيام «ستاندر آند بوورز» و«موودز أنفستورز سرفيس» بفحص المجموعة ككل، كما يفترض أنهما قاما بذلك، قالا إنها من الفئة (AAA). ويعني ذلك أن الفئة (AA) تشير إلى مكان لا يوجد به مياه.

وفي كل مرحلة من عملية الرهن هذه، ارتكبت جريمة أخلاقية. وزادت فوائد هلترمان إلى 15.25 في المائة، بينما كانت احتمالية فائدة بنسبة 1 في المائة هي أقصى ما يمكن أن تتحمله. وبلغ مجمل دعمها الاجتماعي وما تحصل عليه بسبب الإعاقة حوالي 3.000 دولار في الشهر. وبعد دفع كل ديونها والمصاريف الاعتيادية، يتبقى لهلترمان 11.090 دولار في النهاية. وبعد حصولها على الرهن، يبلغ صافي ما تبقيه «انتغريتي» نحو 9.243 دولار. نتحول الآن إلى برنارد مادوف، المتهم بالاحتيال والذي يقال إن عملية الاحتيال التي قام بها بلغت قيمتها 50 مليار دولار. لا تحتوي اللغة الإنجليزية على ما يكفي من كلمات الاحتقار والازدراء لهذا الرجل، لأنه نهب أموال الفقراء من المؤسسات الخيرية. من بين ضحاياه الأغنياء، ولكن ليسوا على درجة كبيرة من الغنى، ومن كانوا سادة العالم، ومن كانوا مدرسين، وكون ثروة لم يكن من الممكن أن يتخيلها لينين نفسه. حقا، الخطْب جلل. ولكن، فكر في الأمر: هل هناك خطة احتيال أفضل من تلك التي أوقعت في شباكها عددا لا يحصى من أصحاب المنازل الذين ليس لديهم تمويل كاف؟ من ألقى به في السجن؟ لا أحد. ومن الذي أعاد الأموال الضخمة التي قدمت في الخدمات المالية؟ لا أحد. وأين العبقري المالي السابق الذي تعهد بأن يعيد مكافأته، أو التبرع لها للعمل الخيري، لأنه كان يشرف على مصنع ضخم للأحلام لم ينتج شيئا أكثر من أكداس من الكمبيالات قيمتها 3 دولارات تبلغ عنان السحاب؟ «هنا، آسف، لم أحصل عليها». كلمات لن تسمعها أبدا. كم كانت عملية الاحتيال المزعومة التي قام بها مادوف مختلفة بصورة كبيرة؟ يحتمل أن يودع الحبس، ولا يعاقب الآخرون. ولكنهم كان يجب أن يعلموا أن هلترمان لم تكن تستطيع دفع رهنها، وكان يجب أن يعلموا أنه لم يكن في استطاعتها تحمل فائدة قيمتها 15.25 في المائة. لم يكن للأمر أهميته. باعت مؤسسة لأخرى، وحصلت على رسومها، ومررت هذه الورقة المحتال عليها، كما لو كانت بطاطا ساخنة - لا تمسكها كثيرا وإلا سوف تحرق يديك - وبعد ذلك عرضت أمام سوق تام يعرف كل شيء، إلهنا غير المرتبط بالدين.

آه يا هلترمان، أنت كتمثال ماريان أو تمثال بريطانيا دون أن تقصدي. وأنت تمثلين تعاقبات كونغرس تم الاحتيال عليه وبيع. أنت تجسدين رئاستين متعاقبتين (كلينتون وبوش) اللذين أدمنا إزالة القيود، وتجسدين مواطنين يؤمنون بقيم الإسكان المتزايدة بصورة مستمرة، ونظام مالي فهم أن الدولار ما كان يجب عليه أن يتوقف.. حتى توقف. من المقرر إزالة هذا المنزل الصغير الكائن في شارع ويست هوبي. يا للحسرة. إن قيمته الحالية هبطت إلى 18.000 دولار، قيمته الظاهرية في الوقت الحالي، ويمكن أن تشتريه الحكومة وتحوله إلى أثر يناسب وقتنا الراهن. المتحف الأميركي للطمع، لا تتردد في الالتحاق به. نحن جميعا أعضاء أصليون.

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ «الشرق الأوسط»