هل صارت مصر الجدار القصير؟

TT

منذ بداية القصف الإسرائيلي لغزة والسهام كانت موجهة ضد المصريين من قبل إيران وحزب الله والأطراف المتحالفة. ولم يكن هناك حينها ما يستحق النقد والهجوم لأن القاهرة، عمليا، هي العاصمة المضيفة دائما لحماس والسلطة الفلسطينية. واختارت آلة الدعاية معبر رفح لاستخدامها ضد المصريين، في حين أن المعبر - مثله مثل أي منفذ حدودي - مكون من بوابتين، مصر مجرد بوابة واحدة لا تكفي لتمرير أحد من خلالها دون فتح الباب الثاني الذي كان يحرسه - عندما كان مفتوحا - مراقبون أوروبيون، وكاميرا متصلة بمكتب إسرائيلي، وضباط من السلطة الفلسطينية. وبالتالي لم يكن المعبر مشكلة مصرية، بل مشكلة حماس وبقية الفرقاء.

والمؤسسة الرسمية المصرية في حرج لأنها لا تستطيع أن تنسب إلى نفسها أشياء كثيرة، من بينها الأنفاق. فمن المستحيل أن يصدق المرء أن السلطات المصرية لا تدري عن الأنفاق، أو أنها لم تغض النظر عن حفرها على الجانب المصري، ونقل السلاح والأغذية والبشر سرا. نحو ألف نفق يستحيل أن تُحفر بلا علم المصريين وموافقتهم، حتى لو نفوا ذلك رسميا. ولو أرادت منع الأنفاق لاستطاعت منعها ودفنها، بدليل أنه لم يحفر نفق واحد من الجانب الأردني أو السوري أو حتى اللبناني، لا لعدم وجود رغبة في التسلل والتهريب، بل لأنها محروسة وممنوعة.

الحدود المصرية الغزّية محروسة أيضا، ومع هذا استمرت حماس تحفر وتهرب كل يوم، ولم يبادر المصريون إلى منعها. وبالطبع لن تعلن الحكومة المصرية أنها راضية بالأنفاق، لأنها بذلك تعرض بلادها لحرب مع إسرائيل. فما الذي فعلته إيران أو حزب الله من أجل الفلسطينيين في غزة حتى يهاجموا القاهرة؟

الذي يدعو إلى السخرية أن حزب الله سارع إلى نفي علاقته بصاروخين أطلقا من جنوب لبنان على إسرائيل.

مع هذا تحول المعبر إلى قضية صراخ ضد مصر، وجعلها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله قضية، ودعا في سابقة غير مألوفة إلى الانقلاب العسكري ضد النظام المصري، والجماهير المصرية إلى العصيان ضد السلطة. أمر لم يكن يحتمل سوى الاقتناع بأننا أمام معركة محاور، وأن محور طهران يريد خلق فوضى في كبرى الدول العربية. وقد يفهم المرء في الأزمات سقوط المحرمات وغليان الدم، لكن إن تستمر الحملة ضد مصر حتى الليلة، فإن هذا يؤكد أننا بصدد حرب أكبر من غزة وأبعد من فلسطين. نحن في مرحلة حرب محاور جديدة.

[email protected]