صهينوني بسبب الخارجية الإسرائيلية

TT

أنا لم أكترث حين أشارت وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى مقالي في صحيفة الشرق الأوسط الاثنين 26/5/2008 عنوانه «رشوة أولمرت والراشون العرب» ولا يهمني كيف استفادت منه أو وظفته، لأن هذه المقالة استهدفت الفساد الذي يضرب أطنابه في ساحتنا العربية والإسلامية، فقد أبديت دهشتي بالطريقة اللافتة التي تتعامل بها مؤسسات العدو الصهيوني الدستورية والقضائية مع فساد ساستها والشفافية الحقيقية في كشف ممارساتهم ومراقبة أخطائهم وتعرية فسادهم في إدارتهم للكيان الصهيوني، هذا ما قلته الخميس الماضي في تصريح لملحق الدين والحياة (صحيفة عكاظ السعودية)، وذلك تعليقا على ما تتناوله المنتديات هذه الأيام من تعليقات ساخنة مصحوبة بسباب ولعنات وشتائم لكتاب عرب، كان كاتب هذه السطور من ضمنهم، وصفتهم المنتديات بـ«قائمة العار» فقط لأن وزارة الخارجية الإسرائيلية أشارت إلى مقالاتهم في موقعها على الانترنت.

أنا أتفهم أن يوجه أي كاتب نقدا موضوعيا إلى حماس أو غير حماس ويسائلها عن استراتيجيها في إدارة الصراع مع العدو (وإن كنت أتحفظ كثيرا على توجيه النقد والتوبيخ أثناء الهجوم الصهيوني المتوحش والجرح الفلسطيني الغائر ينزف) ولا يضير أي ناقد موضوعي أن وزارة الخارجية الإسرائيلية أشارت أو استشهدت بأفكاره، لان العدو الإسرائيلي والخصوم والمنافسين يستشهدون أحيانا حتى بأدبياتنا الدينية ضدنا، ناهيك عن الإشارة إلى رأي عالم أو مفكر أو كاتب، ثم إن أي نقد للذات من المتوقع أن يستفيد منه العدو تماما كما نستفيد نحن على سبيل المثال مما يكتبه الإسرائيليون في صحفهم في نقد الشأن الإسرائيلي والاعتراف بالهزائم والإقرار بالأخطاء كما حصل في الاعتداءات الوحشية الأخيرة على غزة، فليس من المنطق حين نمارس نقد الذات بغية الإصلاح، أو نطلع على تجربة العدو ونبحث عن مكامن القوة والضعف فيها، سنضع عينا على العدو في كل صغيرة وكبيرة نكتبها حتى لا يستشهد بنا وبمقالاتنا في مؤسسساته وإعلامه وإنترنته.

لكن المفاجأة بل الفاجعة نوعية من كتاب عرب استشهدت وزارة الخارجية الإسرائيلية بمقالاتهم تجاوزوا فيها النقد الموضوعي لحماس أثناء الاعتداءات الإسرائيلية على غزة إلى التشفي، وإلى حد وصل بأحدهم في صحيفة كويتية أن يوجه نداء صادقا من قلبه إلى الجيش الإسرائيلي بأن يلاحق من سماهم في مقاله بمتمردي حماس ومعتوهيها المتسترين بالدين والمتاجرين به، (اسحقوهم وأبيدوهم ولقنوهم درسا لن ينسوه إلى الأبد) ويختم بأن (الأرض المقدسة حق لبني إسرائيل قبل أن ينتشر فيها شتات مخيمات اللاجئين الفلسطينيين)، أو ذاك الكاتب المتهور الذي يهزأ باستشهاد نزار ريان ويقول عنه بأنه الذي قتله الإسرائيليون وهو مستريح بين الأفخاذ الثمانية!! يقصد زوجاته الأربع اللائي استشهدن معه ومع أطفالهن في القصف الإسرائيلي المجرم!!

استشهدت وزارة الخارجية الإسرائيلية بخليط غير متجانس من الكتاب العرب وبفارق كبير بين طروحاتهم وهذا من حقها، لكن المشكل هو الاتهام بالتصهين بمجرد أن الخارجية الإسرائيلية «لكل» من نقلت عنهم، والإشكال الآخر هو النقل غير الموضوعي، فكانت النتيجة أن أمطر بعض المعلقين بلهيب سبابهم وشتائمهم ولعناتهم جميع من ورد ذكره من الكتاب العرب في موقع الخارجية الإسرائيلية دون تفريق، تماما مثل القصف الإسرائيلي الوحشي الذي ساوى بين الأطفال والمقاومة.

[email protected]