فنانون على مقاعد المتفرجين !

TT

 أشهر القنوات الفضائية قامت بتمويل سعودي، وجل القنوات الأخرى تعتمد ـ في استمرارها ـ على الإعلان السعودي، وعلى اتصالات المشاهد السعودي. ورغم ذلك، فإن السعوديين هم الغائب الأكبر في الكثير من هذه القنوات. وفي العديد من قنوات الغناء والموسيقى يمكنك أن تشاهد مطربين، وأنصاف مطربين، وأرباع مطربين من كل مكان في العالم العربي، يتكرر ظهورهم على تلك الشاشات في اليوم عشرات المرات، بينما يغيب عنها المطرب السعودي، وإنْ حضر، فإن حضوره يأتي على هامش الوقت، وتساهيل الصدف. ولست أدري عن سر هذا «التغييب» الذي يوشك أن يكون مقصودا مع سبق الإصرار والترصد.

هذا التغييب المتعمد قد يحول الكثير من فنانينا إلى مقاعد المتفرجين، وقد يصيب البعض بالإحباط، والعزلة، وسينعكس ذلك سلبا على الحركة الفنية، التي فقدت الكثير من حيويتها، وحراكها. ولذا، لا أستغرب ـ في ظل هذا الحال ـ أن يلف الصمت كوكبة من الملحنين أمثال: سراج عمر، وغازي علي، وسامي إحسان، وطاهر حسين، وطلال باغر، وعبد الله البريكان، ومحمد المغيص، وغيرهم، وأن تختفي ـ أو توشك ـ أصوات بارزة، كعلي عبد الكريم، ومحمد عمر، وعبد الله رشاد، وأن تتعثر أصوات عذبة في إثبات موهبتها، كحسين عمر، وأسامة عبد الرحيم.

أكتب هذا المقال بعد أن تنقلت على عدد من الفضائيات، وجدت خلالها مطربين من كل لون وجنس، باستثناء الفنان السعودي، الذي كان حضوره محدودا في جل القنوات، ويتطلب انتظارا طويلا قبل أن يظهر أحدهم من بين موجات الزحام. ولذر الرماد في العيون، اكتفت بعض القنوات باختزال حضور الفن السعودي في صوت محمد عبده وحده، وهذه ظاهرة لها انعكاساتها الخطيرة على الآخرين.

ففي هذا الزمن الذي تتسابق فيه الدول لتقديم فنها وفنانيها كواجهة حضارية، يوشك المسؤولون التنفيذيون ـ غير السعوديين ـ في بعض القنوات الفضائية على محاصرة الأغنية السعودية، وإدخالها مرحلة الجزر الفني، بعد ذلك المد الكبير الذي شهدته عقودا من الزمن، وهم يقومون بهذه المحاصرة دون حسيب أو رقيب، والفنانون السعوديون يتابعون الموقف في صمت، ولربما لسان حالهم يردد: المال مال أبونا، إلى آخر تكملة المثل المشهور.

أعرف أن كل قناة بفن بلدها معجبة، فالقنوات اللبنانية تسوق ـ في الدرجة الأولى ـ للفن اللبناني، والمصرية تموت في «دباديب» الفن المصري، ومثلها المغربية، والسورية، والكويتية، والعراقية، وغيرها، فأين القنوات المصنفة سعودية، أو المدعومة بأموال سعودية، أو التي تعيش على الإعلان السعودي من الإسهام في انتشار الفن السعودي؟.

[email protected]