النكتة الإرلندية

TT

كان الفكاهي الإرلندي سبايك مليغان قد برر سخريته من الباكستانيين بقوله، إن السخرية تعتمد على العنصرية. وهذا ما يفعله الفكاهيون الإنجليز بشعبهم الإرلندي. قلما تصادف إنجليزيا لا يروي لك نكتة عن غباء الإرلنديين وسذاجتهم. شاع ذلك حتى اعتاد الإرلنديون عليها وأخذوا يتندرون بها، تماما كما يفعل الأكراد.

يسألك الإنجليزي «كيف تعرف أن هذا الجنايني إرلندي؟» الجواب: «تعرف أنه إرلندي عندما تراه يسقي الجنينة في يوم ممطر». يعود فيسألك، «وكيف تعرف أن هذا الجنايني الإرلندي ذكي». تعرف أنه ذكي «عندما يسقي الجنينة في يوم ممطر ويمسك بمظلة تحميه من المطر».

يروون الكثير عن غباء الإرلنديين، فيقولون إن إرلنديا من هواة صيد السمك أخذ عدته وصنارته ليصطاد السمك في يوم ممطر. اختار مكانا له تحت الجسر في دبلن. قال إن السمك سيتجمع تحت الجسر اتقاء المطر.

لم تسلم المرأة الإرلندية من تهمة الغباء. فقد لاحظت الزوجة أن زوجها غارق في القراءة بجانبها على السرير ولم يلتفت لواجبات الزوجية. فقالت له: «عزيزي أنت استمر بقراءة روايتك.. وأنا سأطفئ النور وأنام». وفي يوم آخر قالت لها جارتها: «تتذكرين يا عزيزتي؟ في أيام شبابنا كانت كل هذه الأحذية البلاستيك مصنوعة من الجلد».

لا أدري إذا كانت هذه النكتة تسخر من غباء الإرلنديين أو من غباء المرأة. فالنكتة الأخرى تسخر من جهل المرأة الإرلندية. قال لها ابنها: «ماما.. أريد منك أن تشتري لي إنسايكلوبيديا الأطفال». ردت عليه بخشونة: «قطعا لا.. تروح للمدرسة مثل بقية زملائك، بالسترة المقلمة والبنطلون القصير».

الإرلنديون ككل الأوروبيين، لا يكفنون الموتى، بل يلبسونهم أحسن ملابسهم ويحلقون لهم شعرهم، ويعرضونهم في توابيتهم لأقاربهم وزملائهم في أبهى منظر. ذهب أحدهم ليودع المتوفى وكان من الملحدين المعروفين في المدينة. رآه في تلك الهيئة المهيبة فقال: «وا أسفاه! بكل هذه الملابس والقيافة الحلوة، وليس له أي مكان يذهب إليه!».

وذهب شاب ليطلب يد صديقته من والدها فسأله هذا السؤال: «قل لي يا ولدي، ما السبب الذي يدفعك للزواج بابنتي مورين؟»

ـ «لا يوجد أي سبب.. كل ما في الأمر أنني أحبها».

لم أصادف الكثير من التقليعات الإرلندية في اتصالاتي بهم. والغريب أنني لاحظت كثيرا من أوجه التشابه بينهم وبيننا، نحن العرب. لا سيما تعلقهم بالشعر. بيد أنني أتذكر حكاية جرت لي مع زميل إرلندي عرفته في كلية الفن. جئته يوما لأقول له: «باتريك.. هل تعرف أن صاحبنا كرستوفر قد تزوج؟» نظر في وجهي وقال: «شكرا.. هذا خبر مفرح. أنا عمري ما حبيت هذا الولد كرستوفر».

لا أدري هل أسجل هذه النكتة كدليل على غباء الإرلنديين، أم ذكائهم وحكمتهم. لكنني أتذكر أنني شعرت في حينها أنها تناظر مزاجنا العربي.

www.kishtainiat.blogspot.com