شر البلية ما يضحك!

TT

من المناسب القول «ما شفناهم وهم يسرقوا.. شفناهم وهم يتحاسبوا» على من قاموا بترويج قائمة يهاجمون فيها بعض الكتاب العرب بتهمة العمالة لإسرائيل.

فقد قام المضللون بانتقاء أسماء كتاب عرب نقلت الخارجية الإسرائيلية مقالات لهم على موقعها، وروجوها بعد عملية غسيل الأخبار، مدعين أن هؤلاء الكتاب يناصرون إسرائيل.

نشرت القائمة لابتزاز من لهم رأي ناقد حول مغامرات حماس والإخوان وإيران ومحورها الموالي، في عملية إرهاب فكري مفضوحة.

المضحك في الأمر هو أن السحر ارتد على الساحر. كيف؟

قامت إحدى الصحف السورية «المستغلة» لا المستقلة كما تصف نفسها، بنشر اعتذار وتوضيح لكتاب سوريين وردت أسماؤهم في خبر قائمة التحريض! وبررت الصحيفة فعلتها بأنها تعاملت مع الخبر «بكل حرفية» بعد تسلمه من موقع «القوميين العرب».

والأمر لا ينتهي هنا بالطبع حيث وقع مروجو خبر استهداف الكتاب العرب في شر أعمالهم، إذ بدأت الآن الاحتجاجات تتوالى على تلك القائمة من كتاب محسوبين على تيارات المروجين أنفسهم. والمضحك أن بعض القوميين والإسلاميين قد تعرضوا إلى تخوين أصدقائهم على طريقة «نيران صديقة».

فقد تم ترويج القائمة من دون التنبه إلى أن بعض الأسماء الواردة فيها هي لمن ينتمون لنفس فكر المحرضين وتوجهاتهم، ولذا هب الواردة أسماؤهم يستنجدون بأصحابهم مطالبينهم بالتعقل، والتدقيق، قبل إطلاق الأحكام.

مشهد لا يمكن وصفه إلا بالمضحك المحزن، حيث تناسى كثير منهم أن لا حدود لسقف المزايدات، وأن من يستسهل التخوين سيرتد عليه يوما ما.

نقل مقال بموقع رسمي أو غيره لا يعني موافقة الكاتب خصوصا في زمن التقنية والاتصالات، وإلا لقلنا إن المواقع المحسوبة على حزب الله متواطئة، حيث ما فتئت تنقل كل ساقطة ولاقطة من الإعلام الإسرائيلي.

وترهيب أصحاب الرأي أمر ليس بالجديد، بل هو أمر عشناه بعد أحداث 11 سبتمبر الإرهابية حين تعرض من أدان «القاعدة» في الأيام الأولى لحملات مشابهة. والأمر تكرر عندما قيل إن صدام حسين لن يصمد أمام أميركا، وسيعرض العراق للدمار.

وحدث الشيء نفسه عند انتقاد مغامرات حزب الله وانقلابه في بيروت، وانقلاب حماس بغزة.

ولأن للغوغائيين ذاكرة القطط فقد تكرر الأمر نفسه يوم إدانة فساد منظمة التحرير أيام الراحل ياسر عرفات، وقيل وقتها إن ذلك لا يجوز فالرجل تحت الحصار!

قد يكون من المناسب هنا دعوة الدكتور فيصل القاسم مقدم برنامج الاتجاه المعاكس بقناة الجزيرة ليقدم حلقة خاصة لهؤلاء «المناضلين» تحت مسمى «الاتجاه نفسه»، يناقشون فيه تداعيات ورطتهم المضحكة.

ولماذا فيصل القاسم؟ السبب بسيط فهو من ضمن الكتاب الذين نقل موقع الخارجية الإسرائيلية مقالا له، إلا أن أصحاب الحملات قد راعوه فيما يبدو ولم يضعوا اسمه بقائمة الكتاب المستهدفين.

وقد يكون بمقدور القاسم أن يشرح لهم بأنه قد انطبق عليهم مثل «ما شفناهم وهم يسرقوا.. شفناهم وهم يتحاسبوا» ويذكرهم بان شر البلية ما يضحك!

[email protected]