«الشروق» يصبح يوميا

TT

صدرت في القاهرة صحيفة مستقلة جديدة في الوقت الذي تلقى الصحافة المكتوبة في العالم أزمات كثيرة، وفي طليعتها أشهر الصحف، «النيويورك تايمز» التي تقبلت نوعاً من المساعدة غير المباشرة، عندما اشترى المليونير كارلوس سليم حصصاً فيها بمبلغ 250 مليون دولار. وكانت «الكريستيان سيانس مونيتور»، احدى أعرق صحف أميركا، قد أوقفت طبعتها الورقية بعد 150 عاماً. وفي فرنسا أعلن الرئيس ساركوزي برنامجاً طارئا لمساعدة اليوميات على الاستمرار.

هل في مصر مكان ليومية جديدة؟ هناك طبعاً الصحف الأهلية، وهناك يومية اقتصادية «العالم اليوم» التي يصدرها اعلامي ناجح هو عماد الدين أديب، وهناك «المصري اليوم» وهي مستقلة موثوقة وتتمتع باحترام الناس. لكن في بلد من 80 مليوناً يظل هناك مكان واسع لصحيفة مستقلة ويتمتع القيمون عليها بسمعة مهنية خاصة. فالناشر، الاستاذ ابراهيم المعلم، أثبت خلال سنوات، مهارة ورقِيَّا وموضوعية، سواء في عالم الكتب أو في الصحافة المختصة، وبالذات مجلة «وجهات نظر» التي حلت بطابعها الحداثي (وليس دائماً بمحتواها الحداثي) محل المجلات الأدبية التي كانت سائدة في العالم العربي «كالآداب» و«الأديب» و«الرسالة» وغيرها.

«الشروق» اليومية لن تكون تجربة ولا مغامرة. الى جانب عراقة الدار، هناك رئيس التحرير الزميل سلامة أحمد سلامة، الذي أسس من قبل «وجهات نظر»، والذي كانت زاويته في «الأهرام» تتمتع باحترام لدى الجميع. وحتى ضمن الصحافة الاهلية حافظ الرجل، بإقرار واسع، على موضوعية واضحة، يدعمها فكر سياسي واسع الثقافة.

من المبكر الحكم على الصيغة التي سترسو عليها «الشروق». لكن يخيل إليَّ أن السمعة العامة هي الهدوء، والطابع العام مصري بالضرورة، ولكن مع توسيع الأفق العربي والدولي الى أقصى حد ممكن. أو هكذا توحي لائحة الكتاب المشاركين، خصوصاً الغربيين، وهم من المستقلين البارزين، تفادياً منا لاستخدام مصطلح «الليبراليين»، لأن له في العالم العربي وقعاً ومفهوماً لا علاقة لهما بجذور استخدامه في الغرب.

يخيل اليَّ أن «الشروق» لن تكتسح سوق التوزيع اليومي. لكنها، على الأرجح، سوف تنجح في ما أريد لها، أي أن تكون جريدة النخبة الثقافية والسياسية والاجتماعية. والأرجح أيضاً أنها ملتزمة مصر وسياسات مصر ومتحررة من التزامات الصحف الأهلية وتدشين مشاريع الري.