الإعلام وقائمة المجاهدين الجديدة

TT

قبل سبع سنوات انجرت الأقلام تدافع عن أفعال القاعدة التفجيرية، وتعتبر انتقادهم انسياقا وراء الموقف الغربي الأميركي، دون تمييز بين الدفاع العقلاني والاستخدام السياسي. لم تع أن القاعدة كانت مشروعا معاديا لها، اكثر مما كان موجها ضد الأجنبي البعيد. ولم يطل بنا الوقت لتفصح الجماعة الجهادية عن حقيقتها في الرياض والدمام ومكة والمدينة وصنعاء وعمان.

الخطأ تكرر في حروب العراق التالية للغزو، حيث اختلط الأمر على الكتبة بين رفض الاحتلال، الذي هو موقف سياسي مبرر ومعقول، وبين التهليل للجماعات والعمليات الانتحارية. احتفلوا بها ووصفوها حينها بالاستشهادية، والنتيجة ان آلافا من السعوديين والعرب الآخرين حملوا بنادقهم وسكاكينهم إلى السماوة والأنبار وبغداد، وفي الطريق وقعوا في قبضة أجهزة استخبارات عربية معادية سخرتهم لأغراضها. وتكرر الخلط في حرب إسرائيل مع حزب الله، وحديثا في حرب إسرائيل مع حماس، حيث سخرت المساجد، والزوايا الصحفية، والمنتديات الكلامية، تشحذ الهمم وتحيي الجهاد، في خلط متكرر بين الرفض الطبيعي للعدوان الإسرائيلي، والانخراط في معسكر سياسي تديره إيران التي تستخدم القضية الفلسطينية والعربية لأهدافها الأخرى. أهداف إيران لا علاقة لها بمواجهة إسرائيل البتة بل تستهدف بالدرجة الأولى دولا مثل السعودية ومصر والأردن وغيرها، وتستخدم الترويج الإعلامي لمواجهة إسرائيل، وإشاعة دعوات الجهاد، وهي تهدف إلى زعزعة الوضع السياسي القائم في الدول العربية المستهدفة.

وهاهي قائمة جديدة من الإرهابيين يكشف عنها هذا الاسبوع، بالاسماء والصور، أصدرها الأمن السعودي. شباب سعودي غرر به، وانتقل لـ«الجهاد» في جبال اليمن، التي صارت مركز القاعدة الجديد، وبعضهم رحل إلى باكستان وكشفت ان بعضهم جند وسافر إلى إيران التي هي المحرك الرئيسي وخلف إشاعة الفوضى في المنطقة. هؤلاء المطاردون الجدد، الإرهابيون الإضافيون، هم في واقع الأمر ضحايا لدعوات الجهاد التي تلبست زورا باسم مواجهة إسرائيل، واكذوبة تحرير القدس يتم عبر الرياض والقاهرة.

والمؤسف ان هؤلاء المثقفين تشابهت عليهم المواقف فلم يعودوا يفرقون بين رفض إسرائيل وتأييد جماعات إيران، التي تملك مشروعا واضحا وتدير معسكرا سياسيا وإعلاميا. هناك فارق صارخ بين تحرير فلسطين وتدمير فلسطين، وهناك فارق واضح وضوح الشمس بين إقامة دولة فلسطين وتقسيم فلسطين، وهناك فارق لا يخفى على أحد بين دعم المقاومة وتقسيم أهل المقاومة إلى منظمات وحكومات. ما فعلته إيران بالتعاون مع إسرائيل هو الذي أدى إلى الوضع المخزي الذي نراه اليوم، والذي يدافع عنه كتبة ومسؤولون إعلاميون لا يميزون بين مساندة المظلوم ودعم المشروع الإيراني. ولم يعد يحتاج الأمر إلى امتحان ان كان ذلك صحيحا لأننا شهدنا على حالات عديدة متكررة على مدى ثماني سنوات، ونتائجها المدمرة معروفة ليس لخبراء الأمن فقط بل لعامة الناس. رأينا كيف ساهمت الدعوات المدافعة عن القاعدة في تضخيم التنظيم بالمال والسلاح والشباب. وبعد دحره، تكررت الغلطة في العراق واضطرت أجهزة الأمن للاستنفار التي أدركت ان العراق لم يكن إلا ساحة تدريب للشباب العربي من أجل إعادتهم مدربين ضد بلدانهم. وها نحن نطالع قائمة جديدة من الشباب الذي انخرط في الإرهاب يتدرب في جبال اليمن وباكستان وايران وكل هؤلاء تم استدراجهم من خلال الدعوات الطيبة باسم فلسطين ولبنان، وكما قيل فإن الطريق إلى جهنم عادة مفروش بالنوايا الحسنة.

[email protected]