100 مليار دولار ولا تغيير في المقابل

TT

قد تستطيع إدارة أوباما الجديدة استخدام زر العودة إلى الوراء، لتضغط عليه ونعود إلى تلك الأيام الرائعة التي مضت منذ أسبوعين عندما صُنع التاريخ وكان الحديث عن التغيير يخيم على الأجواء والترقب ينتشر في واشنطن. ولكن في الوقت الحالي لدينا مرشح لإحدى الوزارات لم يسدد جميع الضرائب المستحقة عليه، ويوجد وزير آخر تم التصديق على تعيينه فعل شيئاً مماثلا، وخطة تحفيز تقدم تلالا من الأموال ولكن تجعل من الحبة قبة فيما يتعلق بالإصلاح. فهل يمكننا العودة إلى الوراء قليلا؟ لا تعد مشكلتا الضرائب بالنسبة لوزير الخزانة تيموثي غيثنر والمرشح لمنصب وزير الصحة والخدمات البشرية توم داشل كبيرة إذا أُخذت على محمل فردي. ولكن تبعث المشكلتان، مجتمعتين، برسالة فحواها: إذا كنتم مقربين من هذه الإدارة فليس عليكم أن تكونوا ملتزمين بالقوانين. إن غيثنر وداشل رجلان صالحان، ولكن ينقل اختيارهما رسالة بأن أداة التنظيف الجديدة في واشنطن تشبه القديمة.

ويعزز من تلك الرسالة خطة التحفيز. لا جدال حول الحاجة إلى تخصيص تريليون دولار من أجل التحفيز الاقتصادي، ويعد هوس الحزب الجمهوري بتخفيض الضرائب، نسخة مما قاله صامويل جونسون عن الزيجات الثانية: «انتصار الأمل على التجربة». ماذا لو لم ينفق دافعو الضرائب ما يكفي؟ (وقد أثبت أحدث تخفيض في الضرائب فشله النسبي). ولكن الأمر الذي تفتقده الخطة هو على وجه التحديد ما خاض باراك أوباما حملته من أجله: التغيير. ويعد أغلب محتوى خطة التحفيز مماثلا لما مضى. وكان من الواجب أن يكون التعليم هو المجال الذي يُحدث فيه أوباما تغييراً. وقد خصصت الإدارة مبلغاً مذهلا يقدر بـ 100 مليار دولار من أجل التعليم الابتدائي والثانوي، ولكن تم تخصيص القليل للغاية من الخطة من أجل الإصلاح. مصائب قوم عند قوم فوائد، ويمثل الركود الحالي فرصة عظيمة لإحداث تغيير في المؤسسة التعليمية التي تسير في الاتجاه المعاكس. ولن يحدِث المزيد من الأموال فرقاً كبيراً. انظر إلى نظام التعليم المدرسي في واشنطن العاصمة. إذا كانت الأموال وحدها ستحدث فرقاً كبيراً، فستكون اللغة الرسمية في واشنطن هي اللغة اللاتينية، أليس كذلك. وسيذهب معظم الـ100 مليار دولار المخصص للتعليم قبل الجامعي لتعزيز برامج قائمة أو لضمان استمرارها. وتتولى الحكومة الفيدرالية مسؤولية بعض من هذه البرامج، مثل برنامج «تايتل وان» المخصص للأطفال المحرومين، ومع حالة الركود تزداد صعوبة تمويل الولايات لهذه البرامج. وهذه الأموال تنفق على نحو جيد. ولكن إذا كانت الأموال ستمنح لنظام التعليم، فلماذا لا تصاحبها مطالب بالإصلاح؟ على أية حال، بدون ضخ المزيد من الأموال، من المحتمل أن يتم تسريح معلمين في جميع أنحاء البلاد. وهذا يجعل للرئيس بعض النفوذ: ليأخذوا الأموال ويلتزموا بالإصلاحات. ربما لا يمكن الوصول إلى اتفاق، لا نعرف ذلك. ولكننا نعرف أن نقابات المعلمين تحمل معارضة يمكن فهمها لبعض الإصلاحات. ونعرف أيضاً أن النقابات أيدت أوباما في حملته الانتخابية. اقرأ ما ينشر عن التعليم وستجد أن هناك إجماعاً ناشئاً. ليُلغَ التعيين الدائم. وتوجد وسائل أخرى لضمان أن المعلمين يتلقون معاملة عادلة بدون ضمان الوظائف لعدم الأكفاء. (لا يتمتع رجال الشرطة بتعيين دائم وكذلك كتاب الأعمدة). فلنضمن أن أفضل المعلمين يدّرسون في المدارس التي تمثل التحدي الأكبر، ولنضمن أيضاً أنهم يحصلون على رواتب كبيرة من أجل ذلك.

وماذا عن مد فترة اليوم الدراسي، ربما لساعة أو ما يقربها؟ وماذا عن مد شهور العام الدراسي؟ وماذا عن تعديل قانون إصلاح التعليم مع الإصرار على بقاء الاختبارات للمحاسبة؟ وماذا عن فعل شيء ما حيال الحقيقة البائسة بأن المعلمين لم يعودوا كما كانوا؟ وفي الوقت الحالي، بعد أن أتيح المزيد من الفرص أمام المرأة والأقليات في كل المجالات تقريباً، ترك أفضلهم مهنة التدريس. وأصبحت المرتبات زهيدة، ويمكن أن يكون العمل شاقاً. فهل تحقق الـ100 مليار دولار شيئاً من أجل إصلاح ذلك؟ من الممكن أن تفعل. هذا ليس راديكالياً. ولكنه برنامج يدافع عنه رؤساء المناطق التعليمية المصلحون في المدن الكبرى مثل ميشيل ري في واشنطن وجويل كلين في نيويورك. وهم، بالإضافة إلى مديري تعليم آخرين، ليسوا من أعضاء النقابات بالمعنى القديم. ولكنهم في الحقيقة، ليبراليون تقليديون. ولكن إذا كانت الأولوية هي الأطفال، أو ما يطلق عليه رجال الأعمال «المُنتَج»، فيجب بالتأكيد تغيير قوانين محددة. ولا تستطيع الحكومة الفيدرالية التدخل في تفاصيل إدارة 50 ولاية وآلاف المناطق التعليمية، ولكن يمكنها وضع معايير لمن يحصل على أموالها. وهكذا، كما يعرف أولياء الأمور، يتم الحصول على المنح.

لقد ضاعت فرصة. ولكن يمكنني أن أقدر الحاجة إلى التحرك بسرعة وتجنب الصراعات السياسية غير الضرورية - ونقابات المعلمين تعرف كيف تدخل في معارك - ولكن ضاعت طاقة «التغيير» القوية. لنضغط على زر العودة إلى الخلف، فالوقت ليس متأخراً للغاية.

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ «الشرق الأوسط»