جماعات الضغط القرمزية

TT

أصبحت جماعات الضغط في واشنطن في عهد باراك أوباما، موضع احتقار، بسبب الذنوب التي ارتكبتها المدينة المتواطئة. وقد أقدمت واحدة من هذه الجماعات، وهي هيثر بوديستا، على توزيع قطع قماش مطرز عليها حرف (L) باللون القرمزي على زملائها في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي، وهو رد فعل رمزي لرفض حملة أوباما قبول أموال جماعات الضغط.

وفي الوقت الحالي، التزم الرئيس أوباما بوعود حملته، حيث أصدر قرارات بوضع قواعد صارمة للحد من تعامل جماعات الضغط مع إدارته.

ووفقا لخطة أوباما، لا يمكن لأفراد جماعات الضغط المسجلين في خلال العامين الماضيين أن يحصلوا على وظائف في الإدارة في مجال خبرتهم. ويحظر على هؤلاء الذين ينضمون إلى العمل في الإدارة ثم يتركونها أن يمارسوا الضغوط في فترة رئاسة أوباما، ليس فقط على وزاراتهم السابقة، ولكن على الإدارة بكاملها.

وأنا أؤيد هذا النظام الصارم، ولكن تساورني بعض الشكوك. ويقف الإفراط البغيض والجرائم الواضحة التي كشفت عنها فضيحة جاك أبراموف حجة لصالح تطهير النظام الفاسد. وفي الحقيقة، في الأسبوع الماضي فقط، أقر أحد التابعين لأبراموف، وهو تود بولانغر، بإعطاء عشرات الآلاف من الدولارات لمساعدي نواب في الكونغرس. ونظم رحلة ترفيهية في نيويورك مدفوعة النفقات بالكامل اشتملت على تذاكر لمباريات البيسبول، و«تصريح بالدخول والترفه في نادي الأثرياء»، وحصل موظف في مجلس الشيوخ على تذاكر ووجبات ومشروبات تزيد قيمتها على 25.000 دولار، كل ذلك أثناء تقديمه خدمات لعملاء بولانغر.

ولكن تعتبر فضائح أبراموف وبولانغر على هامش عالم جماعات الضغط، حيث يفوق على الفساد الجنائي الذي يجسدونه، الفساد المقنن المتأصل في النظام الذي يجب أن يشعر إزاءه المسؤولون المنتخبون بالقلق، بدءا من لحظة الانتصار بشأن جمع الأموال الكافية لتمويل حملاتهم الانتخابية التالية.

وتضيع وسط الصورة المنتشرة عن أعضاء جماعات الضغط حقيقة أنهم يؤدون وظيفة وسيط لا يمكن الاستغناء عنها، حيث ينقلون الاحتياجات الشرعية لعملائهم إلى صناع السياسات وبالعكس.

وبالتأكيد، يرى بعض أعضاء جماعات الضغط الجدد الوظيفة فرصة في طريقهم إلى تحقيق الثراء في واشنطن. ويرى بعض أعضاء الضغط الحاليين فرصة في الحكومة تسمح بتعزيز قدرتهم على تقديم الفواتير لها. ولكن تمتلئ واشنطن في الوقت الحالي بأشخاص تصل رواتبهم إلى الملايين يحاولون الحصول على وظائف في الإدارة رواتبها تعد كسرا بسيطا من ذلك. وأخمن أن معظمهم لا يخططون أن يصبحوا أثرياء فيما بعد، ولكنهم يتوقون إلى دخول قاعات الحكومة وليس البقاء في الردهات.

ولذلك تساورني ريبة من قواعد أوباما التي تنظم أعمال جماعات الضغط. فهذه القواعد تعامل جميع أفراد جماعات الضغط سواسية في إلقاء اللوم، ولا تفرق أيضا بينهم وفقا لطبيعة عميل جماعة الضغط. وقد فكر واضعو القواعد لأوباما في الفصل بين جماعات الضغط «الصالحة» والأخرى «السيئة»، ولكنهم توصلوا إلى أن هذه المهمة مستحيلة. وبهذا يعتبر الناشط في الدفاع عن البيئة الذي يمارس ضغوطا من أجل وضع قواعد أكثر صرامة غير مؤهل لشغل منصب في وكالة حماية البيئة، كما هو الحال مع عضو في أكثر جماعات الضغط شناعة. وفي الوقت ذاته، يحصل أكبر ممارس للضغط لصالح مقاول دفاع رئيسي على إعفاء لتولي منصب نائب وزير الدفاع. من المعقول أن تكون هناك بعض مرونة في هذه القواعد، ولكنها أيضا تجعل أوباما معرضا لاتهامات بالنفاق.

ولأن القواعد الحالية لتسجيل جماعات الضغط بها الكثير من الثغرات، ولا تغطي قواعد أوباما الجميع مثل توم داشل، المنسحب من ترشحه لمنصب وزير الصحة والخدمات الإنسانية. وعلى الرغم من أنه جمع الملايين من عمله «مستشارا سياسيا» لعدد من العملاء، الذي وصفهم أوباما عندما كان مرشحا بأصحاب المصالح الخاصة، اهتم داشل بعدم تخطي الحد الذي يفصل بينه وبين أن يكون من أفراد جماعات الضغط. وللأسف، كان أقل تنظيما بشأن الضرائب المستحقة عليه. وتفرق هذه المدينة بين «نشاط جماعات الضغط» الذي لا يتطلب التسجيل، و«اتصالات جماعات الضغط» التي تتطلب ذلك.

* خدمة واشنطن بوست

خاص بـ«الشرق الأوسط»