من أجل أن يكون العراق دولة قانون

TT

جاءت الانتخابات المحلية العراقية كبارقة أمل، ورسالة على أن العراق قد يسير على الطريق الصحيح، وفي الوقت نفسه كرسالة خطرة على الجميع التنبه لها.

نتائج الانتخابات توحي بأن الحس الطائفي غير متجذر في العراق، لكن من الممكن استحضاره لحظة تلاشي الدولة ومؤسساتها، من أجل البقاء والمصالح، والحفاظ على الهوية. كما أن بإمكان العراقيين الذهاب لصناديق الاقتراع بحثا عن من يقدم خدمات أساسية أفضل، لا لدافع طائفي.

ومن هنا فإن على النخب العراقية، والعالم العربي، دورا كبيرا، إذا أرادوا عدم تكرار أخطاء حدثت بعد سقوط نظام صدام حسين، إذ إنه بعد ارتكاب الأميركيين أخطاءً جسيمة، ارتكب العراقيون والعرب أيضا أخطاءً كبيرة. فبعد سقوط النظام ركض البعض إلى مظلة الطائفية، وقاطع السنة العملية السياسية، وكثيرا ما حذرنا من ذلك، وكنا نتهم بأننا نميل إلى المحتل، والذي حدث هو أن ترعرعت «القاعدة» بين السنة، وبمساعدة من أعداء العراق والعرب عموما، وصححت صحوة الأنبار ذلك الخطأ.

وهاهي صحوة الأنبار تحولت إلى صحوة سياسية، ويجب أن تكون واعية، خصوصا وهي تجابه الإخوانيين الذين انكشفوا، ليس في العراق فقط، بل في مناطق عدة من عالمنا العربي.

وفي الطرف المقابل انتشرت ميليشيا الإعدام الطائفية، وقسمت بغداد إلى مربعات، وتشكلت تحالفات فُتح على أثرها خط شؤم سريع بين بغداد وطهران. واليوم يقدم المالكي نفسه رجل دولة القانون، بعد أن ضرب الخارجين عن القانون من أبناء طائفته.

لكن هيبة الدولة ليست فقط باليد الحديدية، بل وبالصدر المفتوح للجميع، فمواصلة الحوار والمصالحة كفيلان بحل ملفات كثيرة يحتاج العراق لحلها، ومنها قوانين اجتثاث البعث، إذ لا يجب أن تكون عملية انتقامية.

وعراقيا هناك نقطة أخيرة ومهمة، فلا بد من حسم للملف الكردي بآلية لا تمزق وحدة البلاد، ومن المهم أن يدرك الأكراد واقع المنطقة، وصراعاتها، وواجبهم أن لا يكونوا ورقة في هذا الصراع، فمكتسباتهم اليوم كبيرة، ومن الخطأ تعريضها للخطر.

ومن هنا نصل إلى ما بات يتردد من أن النفوذ الإيراني قد تعرض إلى ضربة، والحقيقة أنها هبة هواء حارة، أكثر من كونها ضربة نفوذ، فبالتأكيد أن إيران ستسعى لفعل المستحيل من أجل إعادة إحياء نفوذها وتقويته قبل الانتخابات البرلمانية العراقية القادمة. وهذا هو الخطر الذي يجب على العرب، وعلى رأسهم الرياض والقاهرة، الانتباه له، ومعهم العراقيون. فبغداد يجب أن تكون مستقلة، مستقرة، لا تابعة، أو أداة بيد محور، وذلك من أجل مستقبل أفضل لمنطقتنا.

ولذا فلا بد من سعي أكبر من السعودية ومصر تجاه الملف العراقي، من خلال تكثيف التواصل مع ساسته، وحكومته، والشروع حتى بالملفات الاقتصادية، وقبل كل شيء تواجد السفارات المتكاملة على أرض العراق.

هناك شكوك وسوء فهم من جميع الأطراف، لكن التواصل كفيل بحل تلك المشاكل، فالعراقيون، على الأقل، لا يزالون يظهرون قدرا عاليا من الحصافة يفوق من نعتقد أنهم من أهل الدار، ويشتتون الجهود بالمناكفات والاستعراض، وشق الصف!

[email protected]