عمل عبد المقصود الخوجة في الإعلام والثقافة منذ نصف قرن. لم يمارس الصحافة، لكنه كان إلى جانب صحافيين كثيرين. ولم يؤلف كتابا، لكنه رعى الكتاب العربي حيث استطاع. ولم يدخل عالم النشر لكنه حوَّل «الاثنينية» في جدة إلى برنامج ثقافي أسبوعي يكرّم أو يقدّم المستحقين الكبار من داخل السعودية ومن العرب الآخرين.
وثمة جيل منا يعرف عبد المقصود الخوجة، ليس كرجل أعمال كبير، فهذا شأنه وحقه، لكننا نعرفه كرجل شغوف بالصحافة والثقافة والفكر. بل نكاد نجهل عنه ما أبلى في حقول أخرى. وعلى نحو ما، لم تعد «الاثنينية» مجرد منتدى أو ملتقى يجمع كبار المثقفين والإعلاميين والمفكرين، بل تحولت إلى شيء من لجنة تكريمية، إذا استضافت شخصية ما، فكأنما قدمت لها وساما غير رسمي.
وقد حضرت على مدى السنين «اثنينيات» كثيرة، بعضها لأناس أعرفهم وأقدرهم، وبعضها سرني أن أتعرف إليهم. وكان اللقاء دائما مناسبة للتعرف الى أصلاء الثقافة والفكر والطيبين من أهل المهنة. وربما لا يوازي هذا التجمع سوى منتدى عبد الله الجاسر في الرياض، حيث يضفي العلماء والمؤرخون طابعا مختلفا على النشاط الثقافي والفكري في أرفع مراتبه، ليس فقط في السعودية بل على مستوى العالم العربي.
يحاول المرء أن يكون موضوعيا بقدر ما تسمح له طاقته البشرية، لكي يتجنب أفعل التفضيل في محاولة تقييم الأعلام. واعتذر عن فقدان أي شعور أو واجب بالموضوعية وأنا أكتب عن تكريم «الاثنينية» لوليد الإبراهيم هذا الاثنين. بل هي مناسبة لن أضيعها للكتابة عن رجلين طالما أمنع نفسي عن الكتابة عنهما، خوفا من تهمة التودد والتملق. وبكل تودد وتملق وبعد عن الموضوعية، أنا أعتبر عبد المقصود الخوجة أصدق من رعى أعلام الثقافة العربية. وأرى في وليد الإبراهيم أهم شخصية إبداعية خلاقة في عالم التلفزيون العربي.
و«الاثنينية» وسام شديد الاحترام، بعراقته وأهله والدائبين على حضوره، لكن المسيرة التلفزيونية التي قطعها وليد الإبراهيم منذ حوالي العقدين تجاوزت بكثير ما يمكن تسميته عادة بإنجازات الرواد. لقد رفع وليد الإبراهيم كثيرا من مستوى هذه المهنة الجديدة نسبيا. ولم ينشئ فقط أول فضائية عربية، بل حافظ في كل ما أنشأ على أرقى وأهذب مستويات العمل.