خواطر حول السيدة وزيرة العدل

TT

لا أعرف ما هي نسبة الذين تابعوا مسألة تعيين السيدة رشيدة داتي، المغربية الأصل، الجزائرية الأم، وزيرة للعدل في أول حكومة في عهد نيكولا ساركوزي. أنا من الذين تابعوا الأمر مثل أي قارئ عادي، وليس كصحافي يفترض أنه يبذل جهداً أكبر، أو واجباً مهنياً، في موضوع من هذا النوع. وأعترف، أنني افتقرت منذ البداية إلى الشعور بأهمية الحدث: سيدة عربية مسلمة، تُعْطَى الحقيبة الأكثر اعتباراً في الدولة الفرنسية.

وسبب اللامسؤولية، أو اللامهنية، هو أنني نظرت إلى اختيار السيدة داتي، منذ البداية، على أنه حدث اجتماعي من النوع الذي يُنشر في زوايا الأعراس وحفلات الاستقبال، وفلانة أقامت (صبحية) حضرتها الصديقات، وتناولن خلالها القهوة والمناقيش والوضع في البلاد.

وما زلت أعتقد أن تعيين السيدة داتي في منصب وزير العدل الفرنسي لم يكن له أي أهمية تتعدى الخبر الاجتماعي أولاً، وأخيراً، أي تعيينها، ثم صرفها بعد عشرة شهور. ولكن التعيين والصرف معاً تحولا إلى قضية إسلامية أولاً، وما عادا قضية من قضايا الإليزيه، أو المجتمع الفرنسي العلماني أو الليبرالي المتحرر، الذي أصبح فيه الزواج الرسمي مسألة نادرة، نافلة، لا ضرورة لها، وحيث المساكنة هي القاعدة العامة، أو السائدة.

والمفاجأة أن رشيدة داتي، ابنة العامل المغربي مبارك والشغالة الجزائرية زهرة، تجاوزت «الحداثة» الفرنسية، بحيث إنها لم تكتفِ بالمساكنة، بل حملت من زوج لم تعلن هويته واسمه، وتركت المجتمع الفرنسي يحزِّر، تارة أن الأب غير الشرعي هو رئيس الوزراء الإسباني السابق السنيور أزنار، وتارة أنه رجل أعمال عربي، سمته المجلات الفرنسية، وتمنعني اللباقة من نقل الاسم. وأما رشيدة داتي نفسها، فحملت وقضت في شؤون العدل وهي حامل، ولما حان موعد الوضع، خضعت لعملية قيصرية، لكنها عادت إلى مكتبها بعد خمسة أيام، أمام دهشة الذين يعرفون أن العملية القيصرية تتطلب أكثر بكثير من خمسة أيام من الراحة، لكن السيدة داتي أرادت أن تمضي في خطف الأضواء، وفي تحدي القواعد الاجتماعية، ولم تلتفت كثيراً إلى والدهـا، الذي قاطعها عندما عرف أنها حامل من غير زواج.