يا سعد لو تشوفه..

TT

حال السنة السياسية في لبنان لا يسر، وغياب رؤية سياسية واضحة لهذا الفريق يؤزم الموقف اللبناني عموما ويصعب الثقة في مستقبل البلاد. ومن هذا المبدأ قد يكون من المهم جدا أن تتم مخاطبة الرمز السياسي الأبرز في لبنان اليوم، سعد الحريري، فهو يحمل إرث أهم زعيم لبناني، فوالده رفيق الحريري، مع جزيل احترامي لكل الأطراف وأهميتهم، يبقى ثقله مغايرا، فهو سعى لتوحيد لبنان بعيدا عن الدين والمذهب والبندقية، وكان هدفه الأول إعمار الأرض وبناء الانسان، ساعده في ذلك خلفيته في مجال المقاولات.

وجاء الابن إلى فوهة البركان الذي فتح عقب الاغتيال الوحشي لوالده، ووجد نفسه في وسط معركة سياسية عنيفة جدا وعلى مختلف الأصعدة، انقلب فيها الحليف إلى عدو وتغير العدو إلى حليف، وفاز من فاز وخسر من خسر جراء هذه الانقلابات في المواقف، والتي باتت جزءا من الهوية السياسية في لبنان وتعود الناس عليها، ولكن فريق السنة السياسي (وهو الذي اعتاد دوما أن يكون رمانة الميزان الأساسية في التجاذبات الحادة بلبنان) يبقى خارج الحسابات المستقبلية الواضحة.

الشيعة السياسية لهم خط سياسي واضح مداه إعادة ترتيب الوضع الدستوري بناء على الوضع الجديد على الأرض والذي أحدثته التغيرات السكانية ونسبها ومناطقها. المسيحيون وتحديدا الموارنة هدفهم الإبقاء على لبنان كأرض ووطن ذي خاصية مسيحية بالشرق. السنة كانوا دوما يتطلعون للعب دور مهم وفعال اقتصاديا بالاستفادة من عمقهم في دول الخليج العربي ومصر والأردن، وكان رهانهم أنهم الأقدر على بناء الجسور والتواصل المطلوب مع هذه الدول المؤثرة، وكان هذا هو الدافع المهم في تحريك الشيعة السياسية تجاه إيران وسورية واحداث مؤثرات مالية على الأرض اللبنانية.

السنة السياسية في لبنان مضطربة، خطابها مشتت وهناك «شخصنة» واضحة وانعدام ثقة بين الأطراف، ولعله بات مطلوبا إيجاد «مشروع» سياسي جديد يجمع ولا يفرق ويوحد ولا يشتت وإلا بات التطرف (كما لوحظ في طرابلس) أحد المخارج لذلك أو الانشقاق لأجل الانشقاق. وسعد الحريري بثقله وثقل تياره لديه القدرة على تبديل وإحداث هذا النوع من التغيير، وكل ما يحتاج إليه هو «رؤية» هذا الخطاب الجديد والاقتناع به وتقديمه لتبديل ما هو موجود على الساحة اليوم.

السنة السياسية في لبنان تتخبط بلا مشروع يجمعها ولا عناصر تربطها مع وجود أسماء ذات ثقل وشخصيات جديدة ذات طموح ومستقبل، ولكن الأخطاء الكبيرة التي تكبدها الخط السياسي للسنة في لبنان يدفع ثمنه كافة الأطراف في لبنان بلا نقاش.

هناك فرصة ذهبية، وهي الانتخابات القادمة والتي سيصاب بها تيار السنة السياسي بالخسارة الكبرى، إلا إذا تعامل مع هذه الأزمة على أنها فرصة لن تتكرر.

[email protected]