رمز لارتخاء الغرب لا تشدد الشرق

TT

منذ أن أطل نيكولا ساركوزي على معركة الرئاسة، وأطلت معه رشيدة داتي كناطقة باسم حملته الانتخابية؛ أصبحت شهرتها في مستوى شهرة السيدتين اللتين تحيطان به: زوجته الأولى، سيسيليا، التي لم يكن قد طلقها بعد، والثانية، كارلا بروني، التي تزوجها بعد خمسة أشهر من دخول الإليزية. وحاولت رشيدة أن تقنع الزوجة والعشيقة في المرحلة الأولى أن الرئيس متيم بهما. وعندما سافرت سيسيليا إلى أميركا غاضبة، انهالت عليها بالرسائل: القصر خالٍ من دونك.

وأما بالنسبة الى أهل القصر والحكومة، فقد حاولت رشيدة أن توحي أنها الأكثر حرصاً على الرئيس، والأكثر قرباً منه: اعملوا جيداً، وسوف ترون كيف يكافئكم فخامته. لقد أفرحها هذا الجو الجديد، فلن تخرج منه بعد اليوم. لن تعود إلى يوم ولدت في حي فقير بين 12 ولداً، ولن يكدرها في شيء أن لها شقيقاً شقياً يمضي عقوبة في السجن. هي، رشيدة داتي، قطعت طريقاً طويلة للوصول إلى قصر العدل: محاسبة عند شركة «إلف أكيتان»، وهي شركة (نفط)، ثم مدققة حسابات عند شركة «ماترا»، وهي شركة لصنع (السلاح)، ثم انضمت إلى معهد القضاء، ثم أصبحت مستشارة في مكتب وزير الداخلية، ثم وزيرة للعدل في مايو (أيار) 2007. كل هذه الأسماء والعناوين توحي أن رشيدة كانت جزءاً من «المؤسسة» الفرنسية، لكنها لن تتوقف هنا.. إذ برغم العينين السوداوين، والانتماء المغربي، سوف تخوض معركة العمدة في الدائرة السابعة من باريس.. أكثر دوائر العاصمة بورجوازية وأريستوقراطية. وسوف تفوز بمقعد العمدة في الدائرة السابعة.

على نحو ما، يمكن الذهاب في مقاربة إلى حد القول إن باريس أرسلت إلى المغرب والجزائر، الماريشال ليوتيه، وأن المغرب والجزائر أرسلتا إلى قصر العدل الذهبي السيدة رشيدة. ها هي الأرض تدور في الاتجاه الآخر. لكن رشيدة انزلقت في اتجاه آخر. أرادتها فرنسا رمزاً للتعدد، وعلامة للقبول بدين المسلمين والمهاجرين، فإذا رشيدة تمشي في حذاءين مخمليين، وتحضر حفلات قصر باكنغهام بثوب مختصر جداً عند العنق، وإذ تحمل من دون زوج شرعي، تبدو وكأنها تمثل ارتخاء الأعراف الغربية، وليس تشدد العالم الذي هاجر منه مبارك وزهرة.

لم تطل إقامة رشيدة في قصر العدل. وقد أحالها المسيو ساركوزي إلى البرلمان الأوروبي، كما أحال فرانسوا ميتران رئيسةَ وزرائه، اديث كريسون، من قبل. استيداع جميل، وطريق هادئ إلى النسيان، خصوصاً عندما تكون السيدة في الثالثة والأربعين.