الخلاعة في خطر

TT

تقدمت صناعة الخلاعة الأميركية بطلب إلى الحكومة والكونغرس الأميركي بطلب لمنحها دعما ماليا بمقدار خمسة مليارات دولار لإنقاذ هذه الصناعة من الإفلاس والانهيار. تقدم بهذا الطلب ممثلها الرئيسي لاري فلنت، المؤسس لمجموعة مجلات هسلر، وجو فرانسس صاحب شركة أفلام الفيديو المعروفة بعنوان «البنات في اضطراب». ذكر الممولان الاثنان في طلبهما أن الحكومة الأميركية قد دعمت صناعة السيارات بمنحها مبلغ 23.4 مليار دولار. وقالا ان صناعتهما لا تقل أهمية بالنسبة للاقتصاد الأميركي. وعلى دافعي الضريبة الأميركان ان يدعموها بمثل ذلك.

لقد تعرضت صناعة الخلاعة للكساد الذي تعرضت له الصناعات الأخرى بسبب الأزمة المالية العالمية الراهنة وتقلص نطاق القروض. ولا عجب، فمن المعتاد لزبائن هذه الصناعة ان يعتمدوا على الاقتراض لتغذية نشاطهم وأهوائهم. وهكذا سجلت اعمالهم تقلصا في مبيعاتها ومواردها بمقدار 22 في المائة خلال السنة الماضية فقط. وبانتشار البطالة يصعب عليهم الاستدانة من البنك. لم يذكر التقرير نسبة واردات هذه الصناعة الغريبة من مجموع الدخل القومي الإجمالي للولايات المتحدة. ولكن من الواضح أنه يشكل جزءا كبيرا منها. فأميركا هي المصدر الرئيسي للأفلام والمطبوعات والبرامج الخلاعية في العالم. وقد قرأت في تقرير آخر أن ما يقرب من أربعة في المائة من البالغين الأميركان يعتبرون أنفسهم بفخر في عداد الإباحيين والإباحيات، أو ما يسمونهم بالسونغرز.

وتذكرني الحكاية بطلب مشابه نوعا ما من سوق بنات الهوى في أمستردام بهولندا. فقد طالبن قبل سنوات بإعفائهن من دفع ضريبة «الدخل» ، بل ومنحهن منحة سنوية لدورهن في تشجيع السياحة لهولندا.

لم أسمع بعد عن قرار مجلس الكونغرس الأميركي في الموضوع، ولكنني واثق أنهم سيعطونه الأولوية في مناقشات المجلس فوق موضوع ما يجري في غزة وموضوع وقف إطلاق النار فيها. فمذبحة غزة لا تهدد الاقتصاد الأميركي ولكن انهيار صناعات الخلاعة وما يترتب عليه من بطالة بالنسبة للعاملات في هذه الصناعة والسماسرة الذين يعيشون من ورائها شيء لا يستطيع أي مسؤول أميركي أن يتحمله أو يتغاضى عنه. وعندما يبادرون إلى تلبية الطلب، سيكون في العالم دول تكرس أموالها لمنع الخلاعة ودولة تكرس أموالها لتشجيعها وتصديرها.

قد نقرأ هذا الموضوع ونعجب. ولكن في الحقيقة لا عجب فيه مطلقا. فهذا نظام يقوم على تأليه المال. الدولار قبل كل شيء.

www.kishtainiat.blogspot.com