اطرحوا على متطرفي لندن هذه الأسئلة

TT

حسنا فعلت سلطات الهجرة البريطانية، بمنعها النائب الهولندي اليميني غيرت فيلدرز، من دخول بريطانيا بعد فترة قصيرة من وصوله إلى مطار هيثرو، بسبب تصريحاته المسيئة للقرآن الكريم، وفيلم «فتنة».

الداخلية البريطانية قالت إنها منعته بسبب آرائه التي تهدد الانسجام والسلم الاجتماعيين والنظام العام، وهي محقة وتستحق الإشادة من قبل المسلمين في بريطانيا. لكن اللافت قول النائب نفسه بأنه «مندهش وحزين جدا أن حرية الرأي التي كانت أحد المحاور القوية بالمجتمع البريطاني تتعرض للتضييق»، مضيفا «اعتقدت أن بريطانيا العظمى لديها أم البرلمانات». وبالفعل ففي بريطانيا أم البرلمانات، وحرية الرأي فيها تستحق الاحترام والتقدير، وكلنا يذكر الضجة التي ثارت فيها يوم أعلن عن زيارة الشيخ يوسف القرضاوي بسبب فتاواه حول العمليات الانتحارية.

لكن من قال إن حرية الرأي تعني الإساءة للأديان، أو التحريض على الآخرين، فأبسط مفاهيم الحرية أن حريتك تنتهي عندما تتعدى على حرية الآخرين، وهذا أمر يشمل الإعلام، ورجال الدين، وغيرهم.

السؤال، ماذا لو قامت بريطانيا بطرد المحرضين ممن هم على أراضيها؟ فكم هم الذين يستغلون الحرية ببريطانيا لزف الشباب إلى أفغانستان والعراق؟ وكم من الفتاوى التي انطلقت من بريطانيا، عبر الإنترنت وغيره، ممجدة أسامة بن لادن، وأفكاره؟

السلطات البريطانية أدرى بما يدور في بلادها، وتعلم أن هناك أشخاصا يتواجدون على أراضيها باسم الحرية، وحقوق الإنسان، بينما هم على لوائح دولية تتهمهم صراحة بالإرهاب، وبعضها صادر بقرارات أممية.

المشكلة هي قمع الحريات في بلداننا العربية، الذي تتشارك فيه الدول والجماعات التي تقدم نفسها للغرب على أنها ضحية غياب الحريات، حيث إن تلك الجماعات تمارس الترهيب والتخوين لكل من يخالفهم بشكل يفوق سوء بعض الحكومات العربية.

كل ذلك يسبب خلطا للبريطانيين حول مفهومهم هم للحرية، ومفهوم المتطرفين المتواجدين على أراضيهم، وكم أتمنى أن يتم طرح أسئلة بسيطة على هؤلاء المتطرفين الذين يدعون أنهم ضحايا غياب حرية الرأي في أوطانهم. مثلا، ما هو رأيهم بحقوق المرأة، وما هي حقوقها من وجهة نظرهم، وماذا عن تطوير التعليم، وماذا عن حقوق أبناء الأديان الأخرى لو تولى هؤلاء المتطرفون المقيمون في لندن سنام السلطة بالعالم العربي، أو الإسلامي، بل وما هو رأيهم بالأمم المتحدة؟

حينها سيكتشف البريطانيون أن لا فرق بين هؤلاء وتنظيم القاعدة، أو بينهم وبين «عسكر طيبة»، وغيرها من التنظيمات.

ذات مرة كنا نتحاور حول النشر بالعالم العربي مع معنيين بريطانيين، وفجأة، انفجر أحد القانونيين البريطانيين بالضحك على قصة من العالم العربي.

بادر الرجل سريعا للاعتذار عندما شاهد الدهشة تعتلي وجوه الحضور العرب، وقتها قيل له إن ما وجدته مضحكا يكلف صحافيا حياته بمنطقة الشرق الأوسط. ومن هنا تتضح الهوة في مفهوم الحرية لدى البريطانيين، ولدى من يعرف حقائق العالم العربي، وحقائق متطرفيه.

[email protected]