لقد تسلمها

TT

عندما عينت مادلين أولبرايت سفيرة لدى الأمم المتحدة ثم وزيرة للخارجية الأميركية بدا الأمر مفاجئاً للجميع. فليس من السهل أن يعطى المنصب الثاني في الخارجية الأميركية لامرأة، خصوصاً وأنها، مثل سلفها هنري كيسنجر، ليست مولودة في البلاد. لكن العالم ما لبث أن اعتاد مشهد الجدة المتينة، خفيفة الشعر، حادة اللسان، تنتقل من عاصمة إلى عاصمة، تؤنب الرؤساء، تسخر من «رجولة» كاسترو، وتبعد بطرس غالي عن أمانة الأمم المتحدة برغم اعتراض 14 من أصل 15 دولة في مجلس الأمن.

محل الأوروبية التشيكية من أصول يهودية، جاء إلى منصب «ناظر الخارجية» جنرال أسمر من الكاريبي. لكن ما لبثت القضايا الدولية أن عادت إلى يد سيدة. هذه المرة أيضاً من أصول خارجية ومن بشرة سمراء. وإذ قرر باراك أوباما إبقاء المنصب بالغ الأهمية في يدي امرأة للمرة الثالثة في نحو عقدين، أصبح ما كان مفاجئاً في الماضي أمراً مألوفاً. عندما بدأت المرأة تطالب بحقوقها في الستينات، كانت تقصد بالحقوق وظيفة عادية في الدولة والشركات، والحصول على تعويضات كافية في حال الطلاق. ولم يكن وارداً في خاطرها أو في خاطر الرجل أن تصبح وزيرة للخارجية أو مرشحة جدية للرئاسة. لكن ها هي هيلاري كلينتون المحامية شديدة البأس، التي ساعدت حاكم ولاية مزارع الدجاج على الوصول إلى البيت الأبيض، تصل بدورها إلى مجلس الشيوخ عن ولاية مثل نيويورك ثم تطلب البيت الأبيض الذي عاشت فيه سيدة أولى، ومثيرة للجدل، طوال ثماني سنوات. من المخاطرة أن تعودهن على عالم الجنرال، فهن لن يتوقفن عند حد. وفرنسا، ماذا فعلت فرنسا؟ إنها لم تعط الخارجية أو الثقافة أو الفنون إلى امرأة، بل جعلت السيدة ماري وزيرة للدفاع، ومن هناك نقلتها إلى الداخلية، التي كان وزيرها الرجل نفسه. أي طبعاً، المسيو ساركوزي.

وبرغم «قسوة» الوزارتين لا تزال السيدة ماري تبدو وكأنها عارضة أزياء - ونظارات - لأناقة التقدم في السن.

المهم في اختيار وزيرات الخارجية الأميركية أنه لم يأتِ من فراغ. فالمسز أولبرايت كانت أستاذة للعلوم السياسية في جامعة جورجتاون، والمسز رايس كانت جزءاً من الفريق الذي ساعد في إسقاط الاتحاد السوفياتي. والمسز كلينتون شهدت من شباك المطبخ في البيت الأبيض حركة الأرض في كل الاتجاهات.