من تقسيم فلسطين إلى تهديد البحرين

TT

رغم أن هناك من لا يزال يظن حتى الآن أن كل ما يقال عن إيران مجرد أكاذيب، إلا أن فتحها معركة مع البحرين حديثا جعل الصورة أكثر وضوحا، وأن إيران مشكلة كبيرة للعرب بكل ما تعنيه الكلمة. فقد عادت تصريحات المسؤولين الإيرانيين تدعي ملكية البحرين وأنها المحافظة الرابعة عشر، وكأن احتلال ثلاث جزر إماراتية لم يكن كافيا.

أيضا، كأن ما فعلته إيران في المنطقة لا يكفي من تمزيق للصف الفلسطيني حيث صار الفلسطينيون منقسمين إلى دولتين في داخل فتات الأراضي المحتلة، بفضل «ولي أمر المؤمنين» مرشد إيران بحسب وصف زعيم حماس في دمشق خالد مشعل الذي ذهب إلى طهران وهنأه على الانتصار الإلهي الجديد! وكأن إيران لم تكن قد اكتفت بدعم الانقسام اللبناني في العاصمة بيروت بين سنة وشيعة، وهي تحاول اليوم دعم الانفصال الحوثي في اليمن. وحاولت في العراق لكن لحسن الحظ أنها فشلت في الانتخابات العراقية الأخيرة حيث صوتت الأغلبية الشيعية في الجنوب ضد مرشحيها.

وسيحاول الذين يريدون البحث عن أي قشة للتصديق بأن إيران عامل إيجابي للاعتقاد أن التصريحات الإيرانية ضخمت، أو لا تعبر عن القيادة الإيرانية، كما يحدث في كل مرة. ونحن نريد أن نصدق أيضا أنه ليس للإيرانيين أطماع ولا نوايا سيئة بتخريب المنطقة العربية لكن ما يصدر من طهران علانية لا يسعف حسن الظن أبدا، كما أن القبض على الخلية الإرهابية الأخيرة في المنامة تضع التصريحات في تفسيرها الطبيعي. وصرنا أمام خريطة حمراء فيها تورط إيران في لبنان والعراق وفلسطين واليمن والآن البحرين. التصريحات الإيرانية لم تضخم قد جاءت علي لسان أكبر نوري زاده، مسؤول كبير في مكتب أعلى سلطة في إيران، تقول بأن البحرين محافظة إيرانية لم تكن مزاحا خاصة بعد الأحداث السيئة المتكررة في البحرين. ربما يعتقد الإيرانيون أنهم بفتح معركة جديدة يضيفون المزيد من الضغوط على الرئيس الأميركي الجديد، باراك أوباما، معتقدين أن أوباما رئيس التنازلات بعد أن كان جورج بوش رئيس الحروب.

إيران ستفشل أخيرا في إثارة الفتنة الشيعية السنية في البحرين، كما فشلت في العراق وقبلها عجزت في لبنان، وستفشل لاحقا في تقسيم الفلسطينيين. ففي كل مرة تفتح إيران جبهة في المنطقة العربية تعطي دليلا آخر على تورطها في تمزيق العرب، وتحاصر نفسها بنفسها، من نفس العرب الذين كانت تخطط للهيمنة عليهم. فمعظم السياسة الإيرانية تتمحور في التأثير على المنطقة العربية إيمانا منها بأنها عمق استراتيجي إضافي، وورقة مساومة أساسية مع الولايات المتحدة. ولدى طهران قائمة طويلة من التمنيات تريدها من الجانب الأميركي من وراء إشعال الفتن والحروب في المنطقة. فهي تريد إكمال مشروعها الذري العسكري وفرض نفسها دولة نووية، وكذلك الحصول على امتيازات نفوذ تعين من تشاء وتقرر مصير دول المنطقة كما تشاء.

[email protected]