أولويات المرحلة

TT

لم يكن مفاجئا ان تستبعد مصر الدعوة الاخيرة الى عقد قمة عربية لمناقشة الوضع الامني المتدهور باستمرار في الاراضي الفلسطينية المحتلة، خصوصا ان هذه الدعوة تأتي في اعقاب انعقاد قمة الدول الثماني في جنوى ـ وهي القمة التي أكدت ضرورة تطبيق تقرير ميتشل ـ وبعد قمة عربية عادية اوضحت الموقف العربي المشترك من العدوان الاسرائيلي الصارخ على الشعب الفلسطيني وحقوقه الشرعية المعترف بها دوليا.

على خلفية هذه التطورات يجوز القول ان رسالة القمم العربية بُلغت واضحة الى كل الدول المعنية بأزمة الشرق الاوسط، بدءا باسرائيل وانتهاء بعواصم الغرب قاطبة. وعلى ضوء هذه الخلفية اصبحت الكرة الآن في ملعب الغرب، وبصورة خاصة في ملعب الراعي الاساسي لعملية سلام الشرق الاوسط، الولايات المتحدة. فالموقف العربي الجماعي الداعم للحقوق الفلسطينية وللشروط العربية للسلام، اصبح من الثوابت التي لا تحتاج الى تأكيد على مستوى القمة كلما استجد حدث ميداني على ساحة المواجهة الفلسطينية ـ الاسرائيلية.

هذا لا يعني، بأي شكل من الاشكال، التقليل من أهمية الاحداث الاخيرة في الاراضي المحتلة، ولا الايحاء بأن الدول العربية غير معنية بالحدث اليومي.

ولكن الاولوية، في هذه المرحلة، قد تكون للاتصالات العربية بالعاصمة الاميركية والعواصم الاوروبية المؤثرة على الموقف الاسرائيلي. فعمليات الاغتيال الاسرائيلي «الرسمية»، والمنفذة على مستوى المؤسسة العسكرية بأوامر من المؤسسة السياسية نفسها، تجاوزت ابعادها حدود القلق العربي الى الاهتمام الغربي الجدي بمنحى التصرف الاسرائيلي وأسلوبه. ولا يخفى على العواصم الغربية ان المجازر الاسرائيلية المقرونة بتهرب واضح من عملية السلام، تدفع المنطقة بأكملها الى حافة حرب قد يكون الغرب نفسه اكبر الخاسرين في حال تفجرها.

ومن نافلة القول فان لكل مرحلة أولوياتها. وفي هذا السياق، قد تكون حصيلة الاتصال الذي اجراه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بالفاتيكان وأسفر عن مطالبة البابا يوحنا بولس الثاني «بحزم» بوقف جميع اشكال العنف في الاراضي المحتلة، ومناشدته الاسرة الدولية المساعدة في العودة الى المفاوضات «التي تمثل الوسيلة الوحيدة التي تبعث الامل في التوصل الى السلام»، مؤشرا مناسبا لأهمية التركيز في هذه المرحلة على حملة دبلوماسية عربية نشطة في الغرب، تضعه أمام مسؤولياته الدولية عوض هدر وقت القيادات العربية في التحضير والمشاركة في قمم اصبحت نتائجها معروفة سلفا.