الشعراء في إخوانياتهم

TT

كثر الشعراء والادباء العرب في هذه الأيام في لندن وغير لندن من عواصم الغرب، حتى اصبحنا نواجه مشكلة في تحاشي الالتقاء بهم والاعتذار عن عدم حضور ندواتهم وقراءاتهم الشعرية. يعطيك احدهم ديوانه. ثم يأتيك بعد اسبوع ويسألك هل قرأته، ثم يمتحنك ليتأكد من مصداقية جوابك وفهمك لشعره وهي مهمة اصعب واثقل.

هكذا الامر، ولكن الأمر كان أمراً آخر في الخمسينات والستينات. كان الأديب المغترب يمشي في النهار وبيده فانوسا يفتش عن اديب أو شاعر عربي آخر. كانت أيام خير يستطيع الانسان خلالها ان يجلس في أي مقهى أو مطعم عربي ويأكل دون ان يضايقه شاعر من الشعراء.

في تلك الأيام الحلوة التقى صديقنا الشاعر الفلسطيني الدكتور فؤاد حداد، بالأديب والدبلوماسي والكاتب الصحافي السوداني عبد المجيد حاج أمين، عام 1964، وكان حبا من أول نظرة، وسرعان ما توطدت الصداقة بينهما واصبحا يلتقيان بصورة منتظمة، لا سيما في نادي الاذاعة البريطانية، في فليت ستريت، شارع الصحافة. جمعهما بصورة خاصة ايمان قوي مشترك بالقومية العربية والوحدة وكل ذلك الكلام الذي آمن به الكثيرون، ففي تلك الأيام كان الناس يؤمنون وينتظرون الجولة الثانية لرمي الاسرائيليين في البحر.

غير ان الاديب السوداني اختفى فجأة من الميدان، ولم يعد الشاعر والطبيب الفلسطيني يجد صاحبه في اي مكان، ثم سمع بأن المرض قد داهمه فبعث اليه بالابيات الاخوانية التالية يتساءل ويدعو له بالشفاء.

اشتقت يا عبد المجيد للمبسم العذب السعيد اشتقت للنكت الملاح وللتناشد في القصيد قالوا بأنك مسهد عوفيت يا شبل الاسود ابن العروبة لا ينام وعزمه مثل الحديد قلب العروبة نابض والعين ترقب من بعيد ترنو اليك وترتجي مجداً يؤثل من جديد يوم القيام من الفراش يكون فينا يوم عيد ورد عليه الاديب الشاعر السوداني بهذه الابيات:

افؤاد يا نغم الحياة يجيش دفاق الوعود الشوق يولد في لقاء الفكر خفاق البنود صنو المصير المرتجى ما عهد مثلك كالعهود جاء القصيد فذبت وجدا في ترانيم القصيد في أمنياتك يا أثير الحرف ترفل كالورود فسرى الحنين بأضلعي هل للمجامر من مزيد؟

افؤاد يا هزج الفداء وملتقى العزم الاكيد يا نكهة الزيتون غصن السلم في أرض الجدود لا بد مهما طال ليل الظلم من فجر جديد