مناسبة للتأمل

TT

مرت الذكرى الحادية عشرة على هزيمة العرب الكبرى الثانية، بعد هزيمة الخامس من حزيران 1967.

في ذلك اليوم المشؤوم اعلن الجنون عن ابداعاته الكبرى فتحركت جيوش دولة عربية كبرى بالاتجاه المعاكس لمواقع اعداء الامة وتم غزو الكويت وتدميرها، وتدمير ما تبقى من لحمة عربية وتضامن عربي، وحد ادنى من مواجهة العنجهية الصهيونية.

في ذلك اليوم المشؤوم تحولت ام الهزائم الى ام المعارك، واختلط حابل العرب بنابلهم، وتغيرت مواقع الصداقات والعداوات والتحالفات من كل جانب، ودفع الجميع ثمنا باهظا لجنون العظمة، وما زالوا يدفعون.

غزو الكويت تم تحت شعار تحرير فلسطين، وليس غريبا ان ابناء فلسطين يتساقطون بالعشرات كالزهور الندية في ذكرى الغزو المشؤوم بعد ان تشرذمت الامة، ووقّع من وقع على معاهدات «سلام» انتهت ببقاء الارض محتلة والمستعمرات منتشرة كالسرطان، وانتج المجتمع الاسرائيلي اسوأ ما فيه ليصبح ارييل شارون امبراطور اسرائيل المتوج.

غزو الكويت تم تحت شعار توزيع الثروة العربية بين فقراء واغنياء فانتهى بافقار الجميع، ودفع كل العرب معتدين وضحايا ثمنا باهظا على حساب التنمية وتفاقمت الازمات الاقتصادية والاجتماعية وما زالت.

تمر الذكرى الحادية عشرة لذلك اليوم المشؤوم، وما زال الجنون يحتفل بانتصارات من نسج الخيال، ويتذكر العراقيون ضحاياهم بصمت، ويشعلون شموع الحزن حتى لا ينتبه المحتفلون في شوارع الكذب الرسمي بانتصارات ام المعارك. وما زال الكويتيون ينتظرون بألم وحزن خبرا عن اسير او مفقود في ظل رفض رسمي في بغداد لأي حوار في هذا الملف المتورم. وما زال العرب كل العرب يبحثون عن لغة جديدة تعتمد على العقل والمنطق، ويحاولون ان يستبدلوا انفعالاتهم بافعال، وشعاراتهم بأعمال، في وقت تعمل فيه مختبرات الدنيا المتحضر ومصانعه انتاجا وابداعا من اجل سعادة الانسان، وفي وقت الغى فيه المجتمع المتحضر في كل الدنيا لغة القوة والاستبداد والطغيان لتحل محلها لغة الحوار واحترام الرأي الآخر، وخلق قاعدة للتعاون بين البشر من اجل سعادة الجميع وحرية الجميع.

احد عشر عاما تمر بعد هزيمة العرب الثانية. وهي مناسبة للتأمل لا للتألم، والفهم قبل التفاهم، والمصارحة قبل المصالحة.