الحافة الأخيرة

TT

كتب الأستاذ عبد الرحمن السعيد، خلال الأسبوعين الماضيين، مقالين سياسيين على جانب كبير من الأهمية، في ما يتعلق بمحاولة شرح الموقف السعودي حيال الأحداث الطاحنة والخيارات الداهمة. الأول، نشره في «الشرق الأوسط»، ويهدف بوضوح، إلى الوصول إلى ذوي القرار العربي وإلى المواطن العربي في صورة عامة. أما الثاني، الذي نشرته «نيوزويك» في صدارة الآراء السياسية، فالهدف منه، بوضوح أيضا، ليس الوصول إلى نحو 3 ملايين قارئ يتابعون المجلة منذ عقود طويلة، بل أيضا إلى صناع القرار الأميركي وأبناء النخب الغربية بصورة عامة.

يحمل مقال عبد الرحمن السعيد تحذيرا مباشرا إلى الغرب بصورة عامة، بعد أحداث غزة. العرب والمسلمون يقفون على الحافة الأخيرة بين حوار الأديان وانفجار صراع الحضارات. لقد اتخذ الغرب، عموما، موقفا مخيبا للآمال والتوقعات والأعراف في غزة، وهكذا دفع المسألة برمتها في اتجاه اليأس، عربا ومسلمين. ومثل هذه المواقف المتخاذلة، هي التي تغذي أهل التطرف، وتوفر لهم التبريرات، وتقطع الطريق على جسور الحوار. يقول الكاتب إنه في ضوء ما آلت إليه كارثة غزة وما جرى حولها من تحركات ومواقف ولقاءات ومبادرات، يبدو الحل الأمثل والمقبول وأيضا المنطقي، في العودة إلى مبادرة السلام التي أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز، ونالت الإجماع العربي، كما لقيت ترحيبا عاجلا من باراك أوباما في أول بيان سياسي له حول الشرق الأوسط.

وضع عبد الرحمن السعيد مقاله قبل صدور نتائج الانتخابات الإسرائيلية، التي لا شك أن الفائزين بها سوف يتنافسون على رفض الدولة الفلسطينية وتعقيد المسار السوري، الذي بدأ خلال ولاية ايهود أولمرت. لكن هذا ليس مهما. إنه يخاطب الغرب ويحمله المسؤولية. فالغرب هو القادر على الضغط على إسرائيل، بصرف النظر عن لون الحكومة فيها. ذلك أن الحكومات تتغير أما الحكم فهو واحد في نهاية المطاف. وإذا لم يكن في استطاعة إسرائيل أن تختار نوعية مستقبلها ومصيرها في الشرق الأوسط، فعلى الغرب أن يختار عنها. والغرب يعرف وإسرائيل تعرف أن غزة كانت آخر فصل همجي ضد الفلسطينيين. ولن يعود في إمكانها في المرة المقبلة أن تذبح ثلاث بنات لأب له ست بنات. على إسرائيل أن تعرف معنى السلام بين البشر.