يوم مفاجئ جميل

TT

استيقظ السعوديون يوم السبت الماضي على سلسلة من القرارات السياسية الكبرى التي حملت الكثير من الأخبار السارة، وجميعها تصب وبقوة في الخط الإصلاحي الذي تبناه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.

جاءت القرارات لتمنح الطرح الإصلاحي، الذي تعود السعوديون على سماعه منذ فترة، عناصر قوة وأدوات تنفيذية فعالة، القرارات التي تمكنت من مخاطبة العديد من الاحتياجات والمتطلبات في السعودية.

القضاء وهو الملف الأكثر حساسية، نال الاهتمام والحصة الكبيرة في التطورات الأخيرة، معطيا بذلك الأمل والثقة بأن التطوير القضائي لم يعد فقط نظريا ولكن بات ممكنا من الجانب العملي أيضا.

والتعليم ذلك الموضوع البالغ الأهمية، الذي ينال اهتمام السعوديين وبقوة، كيف لا وبلادهم يبلغ تعداد الشباب فيها ما نسبته 60 في المائة من تعداد السكان، وبالتالي من الممكن تخيل أثر أي إصلاح في التعليم على مستقبل البلاد. وقد تم اختيار فريق مكون من وزير ونائبين له أحدهما امرأة لأول مرة في منصب تنفيذي كهذا لإدارة تحدي التعليم وتطويره، بعد أن مل الناس من أداء الجهاز التنفيذي الأسبق وعدم قدرته على إحداث الإصلاح المنشود.

وما ينطبق على التعليم ينطبق على الصحة، التي تأثر سلبا أداؤها في السنوات الأخيرة، وجاء اختيار طبيب ناجح ومتألق لقيادة هذا الجهاز الحساس كدليل على أهمية الرؤية الجديدة وأهمية النجاح في عناصر الاختيار للمناصب.

وكان هناك تطور مهم وملحوظ في جهاز هيئة كبار العلماء بإضافة أعداد من العلماء يمثلون اتجاهات فكرية جديدة لتثري آلية صناعة الرأي والفتوى وتضفي عليها التنوع والثراء المنشود. وكذلك تم تغيير وزيري العدل والثقافة والإعلام بشخصيتين مشهود لهما بالكفاءة والرؤية والقدرة على إحداث التطوير والإصلاح، وكذلك حدث التغيير في رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهناك أسماء أعضاء مجلس الشورى الجدد الذين دخلوا إلى موقع يتأمل منه السعوديون الشيء الكثير لصناعة قرارات تمس تطوير حياتهم وتحسين مستويات معيشتهم. المفاجآت السارة التي حملتها التغيرات السياسية التي أعلنها العاهل السعودي تؤكد أن الخط الإصلاحي لم يعد طرحا طموحا ولكنه نهج عملي وركيزة أساسية ضمن الرؤية الاستراتيجية للبلاد.

هذه النوعية من القرارات يطلق عليها ألقاب وأوصاف كثيرة لشرحها ولمعرفة البعد الحقيقي لها، فمن الممكن في بلاد كثيرة حول العالم أن توصف بالقرارات الكبرى أو القرارات الثورية وغيرها من الديباجات المعروفة، ولكن حقيقة الأمر ولمن عرف أسلوب العاهل السعودي فهي قرارات إصلاحية بحتة تصب في صميم رؤيته وفي صميم قناعاته بما يجب أن تكون عليه البلاد، وإلى أي طريق تصل إليه.

سيكتب التاريخ أهمية هذه القرارات في طريق صناعة المستقبل السعودي، وكيف أنها كانت بمثابة عناصر إيقاظ وتحفيز للسعوديين عامة ومنحهم جرعات من الأمل كانت مطلوبة جدا لإزالة الكثير من علامات اليأس والخوف والقلق والشك.

الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك جاء إلى سدة الحكم وهو يحمل هم الإصلاح، صرح بذلك في مواقع مختلفة وأخذ العديد من القرارات التي تصب جميعها في هذا الاتجاه. وتأتي القرارات الأخيرة لتكون بمثابة الجرعة الإضافية المطلوبة لمنح الرؤية الإصلاحية الزخم «التنفيذي» المطلوب لإحداث النتائج الإيجابية التي ينتظرها الجميع. مبروك للسعودية وللسعوديين ما حدث وأهلا بكل خبر ومفاجأة سارة.

[email protected]