مواطننا فوق العادة

TT

كان بعضنا يتوقع منذ فترة أن يسمى عبد العزيز الخوجة وزيراً للإعلام. ربما منذ أن رفعه الملك عبد الله بن عبد العزيز الى مرتبة وزير، وهو يصارع أمواج اليم وعواصف البر في لبنان. ولي في التعيين انطباعان: الصحفي الذي يرى في شخصية عبد العزيز الخوجة وسيرته وكفاءته وتجاربه وخصوصاً خلقه، نموذجاً لوزير إعلام دولة كبرى في هذه المرحلة. كما لي ردة فعل المواطن اللبناني الذي كان يرى في دبلوماسية عبد العزيز الخوجة عامل طمأنينة كلما اشتدت الأزمات وأطبقت.

كان عبد العزيز الخوجة يتجاوز موقعه كسفير فوق العادة ليتصرف كمواطن لبناني فوق العادة. ولم أكن أشك لحظة في أنه كان أكثر حرصاً على لبنان من جميع أهله، 14 و8 آذار ومن بينهما. وكان يحرص على مودة الأبعدين قبل الأقربين. وعامل لبنان كبلد لا كمجموعة طوائف أو مذاهب. واعتصم بالصبر اعتصاماً عجيباً. ولم يعد أحد منا يعرف الفرق بين الصلابة والليونة عنده.

لم تكن السنوات الأخيرة سهلة على سفير السعودية في بيروت. فقد كان محاطاً بالتهديدات والأخطار. لكن عبد العزيز الخوجة ظل يتنقل بين الناس وفي زحام وسط بيروت، أولاً كي يطمئن مواطنيه السعوديين القادمين، وثانياً لكي يطمئن اللبنانيين أنفسهم ويشجعهم على المضي في الحياة وفي التلاقي.

ليس أمراً مألوفاً، حتى في بلد صغير وموجوع ومقهور مثل لبنان، أن يبدي رئيس الوزراء أسفاً على مغادرة سفير. لكن بالنسبة إلى الرئيس السنيورة، كما بالنسبة الى أي لبناني عادي، سوف يترك انتقال الوزير الخوجة أثراً في صورة الحياة السياسية في لبنان، في مهرجاناتها القليلة وفي نكدها الكثير. وعندما كنا نلتقي في منزله، كنا نرى في الصالة صورة لبنان الجميل والطيب والموحد، وعندما كنا نتناقش في منزله كان الهدوء والعقل والتفهم والسماح، ميزة النقاش. وطالما كان عبد العزيز الخوجة يفاجئنا، في أقصى حالات الصخب والعداء السياسي، بالذهاب الى معارضيه، سواء كانوا متمادين في حدتهم أو مغلوبين على أمرهم، مثل أكثرية اللبنانيين. كصحفي، أعرف ويعرف أهل المهنة، أن المهمة الوزارية الصعبة والمعقدة، سوف يسهل قيادها للوزير. وكمواطن لبناني أتمنى خلفاً للسفير تسهل له قيادة المهمة الصعبة والفائقة التعقيد.