ماذا حدث للمهندس السعودي في ألمانيا؟!

TT

أوردت الصحيفة الإخبارية الإلكترونية الشهيرة «سبق» خبرا طريفا بعنوان «الجن يطردون مهندسا سعوديا من ألمانيا»، وملخص الخبر أن الجن أجبروا مهندسا سعوديا على مغادرة ألمانيا بعد ليلتين من الإزعاج قضاهما في فندق بألمانيا، تعمد الجن خلالهما السير فوق جسده، وتحريك حقيبة سفره، ورفع الغطاء عنه، الأمر الذي اضطره إلى الهرب من الغرفة بملابس نومه، والسقوط من أعلى السلم، ليقضي ليلته في بهو الفندق قبل أن يغادر ألمانيا.

لكن رحيل الرجل لم يمنع عمال الفندق الألمان من طرح السؤال المنطقي: هل كان الجني الذي أزعج الرجل ألمانيا؟! فإن كان أجنبيا، وجاء مرافقا للرجل ليصفي حساباته معه على أرض غريبة، فذلك يعني أن لا ناقة للألمان ولا جمل في ما حصل للرجل، باعتبار ما حدث شجارا بين غرباء، أما إذا كان الجني ألمانيا، فذلك يحمل الفندق مسؤولية ما حدث لضيفه، ويلزمه بالتالي تعويض الرجل عن فقدان ربع عقله، ونصف وقاره، وكامل أناقته، وهو ينزل إلى ردهة الفندق ـ بعد الأناقة الكاملة ـ شبه «زلط ملط»!

حينما قرأت الخبر اتصلت على أحد المروجين لثقافة الجن، عارضا عليه رحلة سياحية مجانية إلى ألمانيا للإقامة في نفس الغرفة التي حل بها الرجل لعله يحل لغز جنسية الجني، ويأتنا بالخبر اليقين، وبدلا من أن يوافق على الدعوة وجدها فرصة للتنظير عن سمات الجن، وصفاتهم، وعبثهم، وجنونهم، وفنونهم، وغدرهم، ومكرهم، وكرهم، وفرهم، وقد حاولت عبثا أن أوقف بثه دون جدوى، مستسلما لذلك الدرس الإجباري، المجاني، والممل.

ذكرني خبر ذلك الرجل بما حدث لعاملة منزلية آسيوية تعمل في بيت إحدى قريباتي، حينما ادعت رؤيتها لنصف جني ينزل من الدور العلوي من المنزل، وكانت تكفي نصف هذه الحكاية لتولي الأسرة الأدبار، لاجئة إلى بيتنا، حتى اتخذنا حلا شاملا بأن تنتقل الأسرة، والأرحام، والأصهار، ومن هم في دائرة الشجاعة من الجيران للإقامة في ذلك البيت أياما، ومضايقة الجن، وزلزلة كيانهم بصراخ الأطفال، وجلبة الكبار، وكان حلا موفقا أتاح لتلك الأسرة إعادة الألفة مع أجواء بيتها، والثقة في خلوه من كل شيء إلا من الأفكار «العفاريتية» المتضخمة التي تعشش في ثقافة الأسرة، وثقافة العاملة الآسيوية.

ولكي لا يبادر البعض بإطلاق اتهاماتهم، أود التأكيد بأنني أؤمن إيمانا كاملا بكل ما ورد في الكتاب والسنة عن الجن، ولكنني أستطيع أن أجزم في الوقت نفسه بأن نسبة مما يتداوله البعض عن الجن والعفاريت لا تتجاوز أن تكون انعكاسا للتضخيم الخيالي المكرس لثقافة الجن، وكما يقول المثل: «اللي يخاف من الجني يطلع له»، فضلا عن حالات المرض النفسي «الفصام»، وما يصاحبها من هلوسات بصرية سمعية لا وجود لها إلا في مخيلة المرضى.

كفانا الله وإياكم شرور الجن والإنس من كل الجنسيات، ومختلف الأيدلوجيات.

[email protected]