المضحك والمبكي في أخطاء الطباعة

TT

الخطأ المطبعي مزعج عندما يشوش القارئ ومؤلم عندما يجرح الفاعل ومضحك عندما يقلب المعنى. من اشهر الاخطاء المطبعية التي جمعت كل هذه الاركان الثلاثة كان ما وقعت به تلك الصحيفة المحترمة «التايمس» اللندنية في ارقى مراحلها الامبراطورية. نشرت تقريرا مستفيضا وبالحروف الكبيرة عن افتتاح الملكة فكتوريا لجسر واترلو الشهير. بعد ان اعطت وصفا دقيقا لوصولها ونزولها من عربتها الذهبية وقيامها بقطع شريط الافتتاح، قالت إنها مرت فوق الجسر.

ولكنها بدلا من ان تقول passed مرت على الجسر قالت pissed بالت على الجسر. مسألة حرف واحد! ولكن الصحيفة فتحت تحقيقا مركزا في الموضوع خوفا من ان يكون احد اوغاد البروليتاريا، مصحح البروفات قد تقصد هذا الخطأ. فسيغموند فرويد يعتقد ان هفوات اللسان والقلم كثيرا ما تعبر لا شعوريا عما في ذهن القائل. هذه غلطة حروفية.

ولكن بعض أخطاء الطباعة تصبح شنيعة حقا عندما تكون تصويرية. وهو ما حصل لي في هذه الزاوية عندما وضعوا صورة احد زملائنا بالاشماغ والعقال بدلا من صورتي بصلعتي البهية.

ومن الأخطاء الفوتوغرافية المطبعية ما ذكره الزميل منذر الاسعد في كتابه الظريف، «طرائف الأخطاء الصحفية والمطبعية». نشرت إحدى الصحف الأردنية صورة مخيم للاجئين وصورة للبطيخ المعروف بالرقّي.

كتبت تحت صورة اللاجئين «رقي بالمئات» وقالت تحت صورة الرقي «مخيم فلسطيني». لا ادري ونحن في خضم مأساة غزة ان يجوز لي ان اقول بأنها هفوة فرويدية اخرى.

قلت إن من الأخطاء المطبعية ما يبكي ايضا. روى المؤرخ العراقي نجدت فتحي صفوت ان الصحافي روفائيل بطي، صاحب جريدة البلاد اعتاد على تصحيح بروفات مقالاته بنفسه. وكان قد كتب: «سبق أن قلنا لفخامة رئيس الوزراء ان هذه المادة القانونية المقترحة...» وكانت الأحداث قد سبقت الكاتب واضطرته إلى تصحيح ما كتب فتناول القلم ليؤشر على كلمة «المقترحة» ويقول للمصحح «تحذف».

عادت إليه المقالة بعد التصحيح وإذا بها تقول: «سبق أن قلنا لفخامة رئيس الوزراء ان هذه المادة القانونية تحذف...». ثارت ثائرة روفائيل بطي فأخذ القلم ثانية وشرح للمصلح قائلا: «تحذف يا غبي!» فخرجت جريدة البلاد في اليوم التالي وهي تحمل افتتاحية رئيس التحرير بحيث تقول:

«سبق أن قلنا لفخامة رئيس الوزراء ان هذه المادة القانونية تحذف يا غبي!...».

وسمعت بأن جريدة الجيش العراقي «القادسية» نشرت تقريرا عن مكافأة صدام حسين لعدد من الطيارين تحت عنوان كبير يقول:

القائد الفظ الباطل السيد الرئيس صدام حسين يقلد أنواط الشجاعة لعدد من فرسان السمتيات».

لا ادري ما حل برئيس التحرير والمراسل ومصفف الحروف ومصلح البروفات وما إذا كان أي منهم ما زال على قيد الحياة ويقرأ هذه السطور. المقصود طبعا «الضارط الفذ البطل». عقوا هذه فلطة مني ولا غيري!

www.kishtainiat.blogspot.com