حماس والترحيب بالأميركيين

TT

اعتبرت حركة حماس زيارة الوفد الأميركي لغزة خطوة في الاتجاه الصحيح، وطالبت الوفد بنقل صورة حقيقية للإدارة الأميركية عن الجرائم الإسرائيلية في غزة. وهنا نقول أن لا مشكلة في كل ذلك. لكن السؤال هو لماذا ضجت حماس، والمحور الإيراني في المنطقة، يوم ذهب الوفد العربي إلى نيويورك، وخاض معركة قاسية في الأمم المتحدة، من أجل قرار وقف إطلاق النار، الذي رفضته حماس، مثلها مثل إسرائيل، رغم هول الفظائع الإسرائيلية بحق الأبرياء العزل في غزة؟

يومها قيل إنه من المفروض عقد قمة عربية قبل التوجه لنيويورك، وقوبلت جهود وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، بالتشكيك والطعن من قبل المحور الإيراني، وكانت ذروة التهكم هي قولهم: دعوا محور الاعتدال يذهب إلى حلفائه الأميركيين، واتركونا للمقاومة.

اليوم، وعندما ذهب الأميركيون، من خلال وفد من الكونغرس، إلى غزة قامت حماس بإسباغ المدائح على الخطوة الأميركية، ووصفتها بأنها خطوة في الاتجاه الصحيح. فلماذا كل ذلك، بينما بالأمس كان العرب المعتدلون خونة، عُرّض بهم في حفلة شارك فيها جميع الغوغاء؟

السبب على كل حال بسيط جدا، وهو أن حماس تريد أن تعترف بها واشنطن كمرجعية، فها هو مشير المصري عضو المجلس التشريعي عن حركة حماس يرحب بزيارة الوفد الأميركي، مطالبا واشنطن بضرورة الاعتراف بالشرعية الفلسطينية، وهنا بيت القصيد. فكل المطلوب هو الاعتراف بحماس، والتعامل معها، مثلما قال خالد مشعل بعد وقف الاعتداء على غزة؛ بأنه بات على الجميع التعامل مع حماس، فكل تلك الدماء البريئة كانت من أجل السلطة والنفوذ، لا معركة من أجل التحرير. وهذا ما تريده حماس، والمحور الإيراني، والدليل السعي الدؤوب من أجل إيجاد مرجعية بديلة للفلسطينيين لتلغي السلطة الفلسطينية، وهو الأمر الذي أعلن عنه مشعل من طهران، وهنا لا بد أن نسميها المرجعية الإيرانية، لا الفلسطينية.

لهاث حماس، وقبلها الإيرانيين والسوريين، للتواصل مع أميركا، يجب أن يكون درسا للدول العربية المعتدلة بأن لا تتحرج من اعتدالها، فالوقائع والشواهد كثيرة وتفسر لماذا يحرص المحور الإيراني على مهاجمة الجهد العربي وتخوينه. فكل ما يريدونه هو أن يكونوا هم المسيطرين، من أجل إنجاح خططهم وخطط إيران في إلغاء الدول العربية واختطاف قضاياها المحورية. وهذا الأمر فعلته حماس من قبل مع المصريين، على خلفية ملف الأسرى، عندما سربت الحركة أنها تريد وسيطا أوروبيا لا مصريا.

هناك طريق قصير لحماس تستطيع من خلاله أن تصل للأميركيين وغيرهم، وهو الاعتراف بأوسلو وما نتج عنها، لسبب بسيط هو أن اتفاقية أوسلو هي التي أوصلت حماس عبر الانتخابات للحكم.

أما اليوم، فإن الحقيقة هي أن حماس ليست إلا طرفا منقلبا على السلطة الشرعية، وبقوة السلاح، فطالما خاضت الحركة الانتخابات وقبلت بشروط اللعبة السياسية، فيجب عليها أن تكمل بنفس الشروط، لا المتاجرة بالقضية ودماء الشهداء.

[email protected]