أزمة البطالة

TT

داخل مطعم سارابيث بمنطقة سنترال بارك ساوث، انخرط صديقان شابان في الحديث خلال تناول الإفطار. أي شخص يجلس بالقرب منهما يمكنه بسرعة التعرف على قصتهما، فقد تقابل الاثنان في الجامعة، وكلاهما حاصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال. وأخيرا، انضما إلى صفوف العاطلين الأميركيين الذين تزداد أعدادهم.

وباتت قصة هذين الصديقين، والتي كانت فيما مضى من المتعذر تخيل حدوثها، مألوفة بصورة متزايدة. أولا: تلاشت وظائف المهنيين، أتى الدور حاليا على باقي أشكال الوظائف. لقد أصبح الاثنان بعد تعودهما دخولا تزيد على 75.000 دولار بلا وظيفة في الوقت الحالي، وهما من ضحايا الأزمة الاقتصادية، فماذا بعد؟

تقوم المرأة الشابة ببعض الأعمال الاستشارية. وتعد مكافأة نهاية الخدمة الخاصة بها أكبر من أن تؤهلها لإعانة البطالة، وليست متأكدة إلى أي مدى سيبقى ما معها من مال. وقد تحتاج إلى الذهاب إلى منزل الأسرة لزيارة والدها الذي لم تراه منذ عام «نظرا لانشغالها بشدة». ودائما ما ترغب في قيادة السيارة والتجول بها في مختلف الأنحاء.

ويعمل صديقها - الذي توقف عن العمل هو الآخر - بصورة حرة في مشاريع التنمية العقارية، إلا أنه يتطلع إلى العثور على وظيفة دائمة.

لقد أصبح هناك شيء خاطئ على نحو مفجع فيما يتعلق بالحلم الأميركي. فلم يعد الحصول على شهادة جامعية - أو حتى درجة علمية متقدمة - يضمن وظيفة أو عملا آمنا. وفجأة، ظهر أن عددا مهولا من «الخبراء» يهيمون هنا وهناك، لأنه ليس هناك مكتب أو وظيفة يمكنهم الذهاب إليها.

وتبحث ابنة أختي - البالغة من العمر 28 عاما، والتي أقيم معها - ومن المفاجئ أنها «استشارية» - في الإعلانات التي تطلب الوظائف في ميديبيسترو وكرياغ سليست. فالمجلة التي كانت تعمل استراتيجية تسويقية بها تعاني حاليا من الأزمات المالية، واضطرت إلى تخفيض الكثير من الوظائف بها، وكانت هي من بينها.

ويعد العمل «الاستشاري»، و«الحر» تعبيرين لطيفين لاصطلاح ديموغرافي استهلاكي جديد، هو «الاضطرار إلى العمل».

لقد أكد استطلاع جديد للرأي قامت به دايلي بيست التابع لتينا براون، وبن، وشوين آند بيرلاند أسوشييتس، أن قصة صديق سارة بيث، وخطيبته ليست الوحيدة من نوعها، لكنها جزء من اتجاه لم يكن أحد ليتخيله قبل بضع سنوات، وتطلق عليه براون «الاقتصاد القائم على الأعمال الحرة». تم إجراء عملية الاقتراع على شبكة الانترنت، واستجاب له 500 موظف أميركي ذوي أعمار تقع فوق الـ18، وخلص الاقتراع إلى نتيجة مفادها أن ثلث المستجيبين لعملية الاقتراع يعملون في أعمال حرة، أو يعملون في وظيفتين. ومن بين من أطلقوا على أنفسهم أنهم يعملون أعمالا حرة، كان 58% منهم لديهم فريق عمل يقوم بأعمال حرة على أساس الإنتاج لإحدى الشركات.

ولا يعتبر هذا سيناريو متفائلا يثير التساؤلات التي ليس بمقدور أحد فعليا الإجابة عنها، والتي تأتي على شاكلة: إلى متى ستدوم (تلك الوظيفة)؟ وما الذي سيحدث إن لم يجدوا حتى عملا مؤقتا؟

أما الأناقة الأحدث هذه الأيام فهي «أناقة الركود»، وتعني أن يتم إعادة استخدام ملابس العام الماضي. وبلا شك، فإن العاطلين الأقل حظا، والمتمرسين في البطالة، لا يأسفون وهم يتفكرون في حملة درجة الماجستير في إدارة الأعمال ومسوقي المجلات. ولكن عندما يصبح التعليم الجامعي سببا غير كاف في الحصول على عمل، فإن ذلك يعني أننا على مشارف رحلة صعبة طويلة بصورة أكبر مما يظن الكثيرون.

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ «الشرق الأوسط»