تنبهوا.. لبنان في خطر!

TT

لا يمكن وصف ما يحدث في لبنان من إلقاء قنابل واختطاف وقتل إلا بأنه مؤشر على خطر قادم، وأكبر تلك المؤشرات الصواريخ التي أطلقت من جنوب لبنان على إسرائيل.

ولفهم الصورة الأكبر لا بد من تذكر أن لبنان مقبل على انتخابات مصيرية مؤشراتها الأولية غير مطمئنة للإيرانيين والسوريين، وغير مطمئنة لحزب الله وميشال عون، وفوق كل ذلك فإن المحكمة الدولية التي تنظر اغتيال رفيق الحريري ستكون في هذا الشهر.

أمر آخر، هو أن إيران بدأت تستشعر خطرا حقيقيا بصعود اليمين المتطرف الإسرائيلي، وخصوصا بعد حديث نتنياهو عن أن إيران أولوية. يضاف إلى ذلك تقرير وكالة الطاقة الذرية الناقد لطهران، وتشدد إدارة أوباما حياله.

كما أن إيران، وبحسب معلومات، بدأت تشعر أن المصالحة العربية التي طرحها العاهل السعودي بالكويت ليست مناورة إعلامية، بل هي مواجهة حقيقية للتمدد الإيراني في المنطقة، وبالتالي فإن طهران لا تريد عودة دمشق للصف العربي.

هكذا تبدو الصورة، أما التفاصيل فتشير إلى أن ساحة المعركة القادمة هي لبنان. فالإيراني يعتقد أن فتح جبهة لبنانية مع إسرائيل ستكون له فوائد جمة أهمها إنهاك الجيش الإسرائيلي قبل أن يقرر القيام بعمل ما ضد إيران.

طهران تعول على رعونة نتنياهو، كما أنها تريد إحراج دمشق عربيا ودوليا، وتحديدا مع أوباما، فأي معركة إقليمية ستجعل سورية تحت المجهر مجددا، وهذا يفسر لنا معلومة مهمة.

فقد صُدم زوار أجانب كبار عندما سمعوا أن القيادة السورية قد طلبت من الرئيس اللبناني ضرورة عدم دعم المرشحين المستقلين في الانتخابات اللبنانية المقبلة، لأن في ذلك إضعافا لعون، الذي تفضل دمشق أن يكون أقوى من حزب الله!

والمفارقة أن حزب الله أيضا بحاجة إلى عون الذي بات يمثل ورقة التوت لكل من إيران وسورية، فتحالف عون مع حزب الله يمنح الحزب صورة غير طائفية، وتحالف عون مع دمشق يمنح سورية غطاء لبنانيا قوميا.

الطريف أن الإيرانيين والسوريين لم يتنبهوا إلى أن ورقة التوت، أي عون، لن تستطيع تغطية عوراتهما، فالورقة أقصر مما يعتقدان على الأرض، ومن هنا يتضح التنافس بين طهران ودمشق، وكذلك عدم الثقة.

عليه، فإن الوضع في لبنان قابل للاشتعال، فالإيرانيون أيقنوا بأن مصر ما بعد غزة ليست مصر ما قبل غزة، كما قال لي أحد المطلعين على ما يدور في الاجتماعات العربية مؤخرا، ولذلك فإن الجبهة اللبنانية هي المرشحة للاشتعال.

ومثلما أن السوريين لا يثقون بحلفائهم الإيرانيين، فإن العرب لم يطمئنوا بعد بما فيه الكفاية لمصداقية السوريين تجاههم، وهنا سأروي قصة بسيطة تلخص كل شيء، فقد قام مسؤول سوري رفيع بزيارة خاصة للسعودية مؤخرا، ليست سياسية، ولبى فيها دعوة خاصة للعشاء، لا علاقة للسعوديين بها أيضا، وقال في تلك الدعوة ما لم يقله حتى الإيرانيون بحق السعودية، وهنا يصبح السؤال: من يجب أن يصدق المرء في دمشق؟

المراد قوله أن جميع المؤشرات تقول إن هناك خطرا قادما على لبنان والمنطقة لإشغالنا من جديد!

[email protected]