كيف تصرف أموال المساعدات؟

TT

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لم يتورع عن استخدام لغة بذيئة ضد رئيس الوزراء؛ شتم فؤاد السنيورة لأنه يريد حصة من المساعدات السعودية لمناطق جنوبية تهمّه انتخابيا. وهو الذي هزئ من قبل بالمساعدات السعودية في البداية، ورحب بغيرها من قبيل الإساءة. حديثا انضم إلى حزب الله في المطالبة بها للاستفادة منها في الأيام المائة التي تسبق الانتخابات البرلمانية.

ولأنها المعونة الكبرى في لبنان فمن الطبيعي أن يتقاتل الفرقاء حولها، مستخدمًا كل واحد فيهم ما يتقنه، المديح أو النقد، أو الشتيمة أو الواسطة. والآتي أكبر كثيرا، أي المعونة السعودية لغزة، مليار دولار. وسنرى حولها الشكوى والجدل للمطالبة بحصة من الألف مليون دولار، وسيدعي كل طرف شرعيته وأحقيته.

على أية حال الداعم ليس مضطرا أن يمنحها إلا لمن يُعتبر الأحق، وفي رأيي أن الأحق بها أولا هو ابن غزة العادي، الذي تضرر بلا ذنب، فهو لم يسأل عند استدراج إسرائيل للمعركة، ولم يحمه أحد من العدوان الإسرائيلي، فهو الضحية الفورية السهلة. ولأنه ليس مقاتلا وليس في السجل الحكومي قد يجد القليل من التعويضات من قبل السلطات الحماسوية، التي على الأرجح ستفعل ما فعله حزب الله في لبنان بالمعونات التي وصلته حيث وزعها على أفراده، وطائفته، والمحسوبين عليه.

ومهما كان المستفيد فإن على متعهد المعونة السعودية، وغيرها من المساعدات الموعودة، أن تكشف بشكل تفصيلي وعلني عن المستفيدين منها، حتى يعرف أنها تحقق الغرض منها، بإيصالها للمتضررين المحتاجين، وبالسرعة القصوى، بخلاف المعونة السعودية في لبنان التي مر عامان عليها ولم ينفق إلا القليل منها. فقد صرفت الحكومة اللبنانية معظمها على حاجاتها. وهو أمر غريب، ولا أعتقد أن الجانب السعودي منحها هدية للحكومة، بل للناس المتضررين من الحرب، وعلى السنيورة إعادة الأموال إلى المتبرع بها.

والشفافية مطلب أساسي من كل المتعهدين العرب في قمة الكويت، مع التذكير أن الحكومات التي أعلنت عن تقديم مساعدات لم يزد عددها عن أصابع اليد الواحدة، مع أن بعض الدول العربية الأخرى ذات ثراء فاحش.

طبعا نحن لا نتحدث عن موقف الدول التي تسببت في الحرب بالتحريض والتصفيق، فهذه لم ترسل شيئا، ولا يتوقع منها أن تفعل، فالعالم العربي ينقسم عادة إلى معسكرين: دول التخريب ودول التعويض!

غزة خسرت في الحرب العبثية الماضية معظم ما بنته بأموال المساعدات الدولية التي منحت للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بعد اتفاق أوسلو، حيث بنت تقريبا كل المرافق الحيوية الحديثة من مطار وميناء ومبان حكومية ونشاطات خدماتية وتجارية. معظمها سوّته إسرائيل بالتراب، وبكل أسف لن يتم تعويضه حتى بالمساعدات العربية بعد الحرب الأخيرة لأن الأموال الجديدة مخصصة لمساعدة الناس الذين فقدوا بيوتهم، وإعادة بناء الخدمات الأساسية التعليمية والصحية فقط. ما عداها عليه أن ينتظر حتى يقتنع المانحون الدوليون، ولن يقتنعوا بسبب لا مسؤولية حماس وهمجية إسرائيل.

[email protected]