لماذا استهداف مصر الآن؟

TT

من المبكر معرفة أسباب ودوافع العمل الإرهابي الذي وقع في منطقة الحسين السياحية الشهيرة في القاهرة أول من أمس، وراحت ضحيته سائحة فرنسية، وأصيب 24 شخصاً من جنسيات مختلفة.

خطورة العمل الإرهابي لا يمكن أن تنتقص منها بدائية التخطيط، أو حجم ما نجم عنه العمل الإرهابي نفسه، لأن خطورته تتلخص في الموقع الذي حدث فيه، وكذلك التوقيت. فاستهداف حي الحسين السياحي هو استهداف للسياحة المصرية برمتها، وبالتالي استهداف لاقتصاد مصر ككل، فالمنطقة التي وقع فيها العمل تعد مركزاً سياحياً لكل من يزور مصر، سواء كان سائحاً أو خلافه. والقطاع السياحي المصري يعد قطاعاً أساسياً للبلاد، إذ بلغت عائداته 11 مليار دولار في عام 2008، أي ما يعادل 11 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي، ويوظف قرابة 12 في المائة من القوى العاملة المصرية.

كما أن ارتفاع عدد السياح في مصر قد وصل إلى أرقام كبيرة العام الماضي، حيث بلغ ثلاثة أضعاف ما كان عليه في عام 2000، أي قرابة 13 مليون سائح أجنبي من جنسيات متفرقة، ما بين روس وألمان وبريطانيين وإيطاليين وفرنسيين.

كل تلك الأرقام تقول إن العملية هي استهداف لاقتصاد مصر، ومحاولة لضرب مفصل حيوي وهو القطاع السياحي، ولا يهم إن كانت عملية منظمة تقف خلفها مجموعة كبيرة، أو أنها نتاج عمل خلية صغيرة، أو أفراد.

ومنذ أحداث 11 سبتمبر الإرهابية في نيويورك بات الإرهاب يستهدف إيقاع أكبر عدد من القتلى، وبعمليات إجرامية سهلة، وإن كانت صادمة للوهلة الأولى، ودائماً ما يتم استهداف المناطق الرخوة من أجل بث الرعب، إضافة إلى التركيز على المفاصل الاقتصادية الحيوية في أي دولة، وهذا أمر رأيناه في مواقع مختلفة. كما أن خطورة التوقيت تكمن في أن المنطقة العربية ما زالت ساخنة وقابلة للاشتعال، ومصر في قلب تلك الأزمات اليوم، ومن السهل هنا ترويج نظريات المؤامرة، ومن السهل كذلك توجيه أصابع الاتهام هنا وهناك، كلٌ حسب هدفه وغايته.

لكن الأهم هو أن هذه العملية تذكرنا بخطورة الإرهاب، والعقليات الإرهابية، وأنه لا يزال في الإرهاب نَفَس، قد يستهدف أي دولة، أو قطاع، طالما أن مجتمعاتنا غير متيقظة، أو تعتقد أن الإرهاب قد زال ضرره، بدل أن تعمل على أساس أن الطريق لذلك طويلة.

وهنا لا بد من التذكير بأن التبرير هو أسوأ آفة يقتات عليها الإرهاب والإرهابيون، فإن كنا ما زلنا نجهل مرتكبي التفجير ودوافعه، فلا ينبغي أن نستسهل الاتهامات، مثلما لا ينبغي أن نسوق المبررات للإرهاب.

فمن يقول إنه يدين العمل الإجرامي.. (ولكن) في مصر شباب غاضب، أو أن الأوضاع تقود إلى ذلك، فهذا كله يعني تبريراً للإرهاب، ولا بد أن تغيب كلمة (لكن) عند إدانة الإرهاب.

كل ما نحتاجه في محاربة الإرهاب هو عدم التبرير له بأي شكل من الأشكال، بل إدانة العنف أياً كانت الأسباب والمبررات، فنار العنف دائماً ما تحرق الأخضر واليابس.

[email protected]