أنا صنعتك من هواي ومن جنوني!

TT

أنت تحب إذن أنت غير متزن. أنت تحب إذن أنت سيء التقدير.. أنت تحب فعندك عمى الألوان.. أنت تحب فليتك لم تفعل. أنت ترى المرأة أجمل ما في الوجود، أنت غلطان فأنت لم تعد ترى الوجود. ولم تعرف عن المرأة ما فيه الكفاية. فلا هي رقيقة ولا هي ضعيفة. ولا هي إذا تزوجتك تفضلك على أولادها. بل هي تستعد أن تسلقك وتشويك وتقدمك طعاما هنيئا مريئا لأولادها. ولنا في نوع من العقارب عبرة جيدة. فهناك الأرملة السوداء، أي الأرملة أبدا. فلا تكاد تلتقي مع الذكر في عملية الزواج حتى تلف خيوطها الحريرية حوله. فإذا فرغ من العملية الجنسية انقضت عليه تنهشه ثم تبيض فوقه، حتى إذا فقس البيض قام صغاره بالتهام والدهم.. وصارت أرملة حتى يجيء عريس جديد، ولذلك فهي الأرملة الأبدية!

ويقال إن هذه حالة نادرة، فبعض العناكب الذكور تعلمت بمرور ألوف السنين على أن تقوم بلف خيوطها الحريرية حول الأنثى، حتى إذا فرغ الذكر من العملية الجنسية هرب بجلده، فلا هي أرملة ولا هو أرمل!

ولا بد من رباط للعشاق.. كلمة شرف دموع حب.. دبلة خطوبة.. عقد زواج.. أولاد.. شهود.. ولا بد من الشهود في كل الأحوال لتوريط الزوج مع أكبر عدد ممكن من الناس!

والحب ـ إن كان ـ ليس إلا حيلة لجرجرة الرجل لأن يكون أبا وتمتد الحياة. والمثل الشعبي يقول: إن العريس في أول يوم: قمر مدور، وثاني يوم: طبق مدور، وثالث يوم: عفريت مصور. ليس بالضبط وليس بهذا الترتيب.

أما الذي يقوله الشعراء فهذا هذيان موسيقي موزون ومقفى.. وأحسن ما قيل في ذلك ما قاله كامل الشناوي:

كوني كما تبغين لكن لن تكوني

فأنا صنعتك من هواي ومن جنوني

ولقد برئت من الهوى ومن الجنون

فهي من صنع الشاعر ومن خياله ومن إبداعه ومن وهمه. ولو نظرت إلى معشوقات الشعراء لوجدت عجبا، ولأدهشك كيف يقولون هذا الكلام الجميل في هذه الكائنات، التي ليست جميلة، لا ليلى الأصلية ولا بثينة ولا عزة ولا الشاعر دانتي.. ولا لوران الشاعر بترارك ولا نعمت علوي الشاعر ريلكه ولا مجنون إبراهيم ناجي ولا محبوبة علي طه ولا محبوبة صالح جودت ولا محبوبة أحمد رامي.. ولكن نحن نصدق الشعراء عندما يتحدثون عن أنهار الفضة وجبال الذهب، فكيف لا نصدقهم وهم يبكون على ملكات جمال الكون؟!