تكليف روس بأخطر الملفات

TT

رغم كثرة المبعوثين السياسيين لحكومة الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما، إلا أن تكليف الدبلوماسي دينس روس بملف إيران والخليج يعني أنه يحمل أخطر المناصب وأهمها على الإطلاق. فعلى الرغم من عالمية، وأهمية ملف النزاع العربي الإسرائيلي، وقيمته التاريخية، يظل محصوراً في قضية عمرها 35 عاماً منذ آخر حرب غيرت الوضع السياسي، وتستطيع الاستمرار كما هي بخلافاتها وحروبها في منطقة نزاعاتها. أما أفغانستان، وجارتها الباكستان، ومعها تنظيم القاعدة، صحيح أنها مشكلة قابلة للانفجار لكنها هي الأخرى محاصرة في منطقتها.

أما إيران فإنها المشكلة رقم واحد في العالم، تمثل خلطة من اليورانيوم والتطرف الديني والطموح اللا محدود. هي أكثر القوى نشاطاً في إدارة الفوضى، وتمويل الحروب. كما تتهم بأنها وراء قلاقل لبنان، وبروز حماس، وصارت ملجأ لـ«القاعدة»، والمهدد الوحيد للعراق وكذلك دول الخليج. يضاف إلى ذلك أنها على وشك أن تلد أول سلاح نووي يجعلها أكثر خطراً.

والأميركيون يعانون من العقدة الإيرانية منذ الثورة الخمينية، التي دامت ثلاثة عقود مضطربة، حتى صارت الولايات المتحدة ترى الإيرانيين في كوابيسها. وصارت معظم السياسة الأميركية تقوم على كيفية التعامل معهم، في كل مكان مثل سورية والعراق ولبنان والخليج واليمن وفلسطين.

الآن سُلّم هذا الملف إلى روس، الرجل الذي يمكن أن يقال عنه بلا تردد إنه يعرف جيداً كل تفاصيل الشأن الإيراني والقضايا المرتبطة به في المنطقة، مما سيوفر على الحكومة الأميركية الكثير من الوقت، لكنه لا يعني المعرفة تلقائياً ضماناً للحل المنشود مع إيران. على الموفد روس أن يحقق معجزة، فشل في تحقيقها خمسة رؤساء أميركيون حكموا ثلاثين سنة وخصصوا الكثير من وقتهم لإطفاء النيران الإيرانية.

فهل سيستطيع الموفد الخاص احتواء إيران، أو وضع خطة لمحاربتها، أو مصالحتها، أو التنازل لها؟ لا ندري، لكن أي قرار يوصي به روس قد يغير خارطة المنطقة. فهو ربما ينهي الخلاف الذي طال، وبالتالي يفتح الباب لحل قضايا المنطقة الصعبة التي نجزم أن إيران طرف فيها. والكل يأمل أن العلاقة الحسنة مع طهران ستعني سلاماً في الشرق الأوسط. وقد يتسبب روس في توريط المنطقة بالمزيد من الهيمنة الإيرانية، وبالتالي تراجع القوة الأميركية، وتهديد دول الخليج، وما ستتبعه من حروب جديدة. لهذا ليس من قبيل المبالغة القول إن روس يحمل أهم الملفات، ومطلوب منه تحقيق معجزة سياسية.

[email protected]