الغضب هفوة

TT

تحدثت ريما الرحباني، ابنة فيروز، بحدة وألم عن الحملة التي تتعرض لها سيدة الغناء في لبنان. وحذرت من مقاضاة كل من يأتي بمغالطة أو افتراء. لكنها ذهبت إلى حد منع أي كان من «البحث» في سيرة «سفيرتنا إلى النجوم». وأنا، كصحفي، من الذين يعتقدون، ويتصرفون، على أساس أن فيروز من فئة الفراشات، ليس فيها دنيوي سوى صوتها الذي يرتفع بنا إلى الذرى الصوفية من الانتشاء النفسي. وحتى اللحظة لا أعرف إن كان صوت فيروز يعذبني أو يرققني أو يملأ مسامّي سعادة وفهمًا.

ربما كان هذا شعور الأكثرية الكبرى من الناس أيضًا. فمن يريد تحويل هذه العذوبة إلى شؤون صغيرة؟ ربما هناك البعض. وربما لأسباب مختلفة ومتفاوتة، من مشوِّهي النفوس إلى بعض المهنيين الذين يصرون على النظر إلى فيروز كمخلوق بشري له حياة يومية وله مشاعر وله مراحل وله، مثلنا جميعًا، حكاية تتلى أو تسرد، إما بإعجاب ونية حسنة، أو بخبث يغطى بإدعاء الموضوعية، أو بحقد معلَن وأسلوب رخيص.

وللعزيزة ريما أقول، هناك نوعان من السير في نظام حقوق الملكية: هناك السيرة المأذونة، التي تكتب بالاتفاق مع صاحبها وبالاستناد إلى ما قدمه من معلومات، وهذه تعني أنه وافق على كل ما ورد فيها ولا يحق له العودة عن شيء، وهناك السير الاجتهادية غير المأذونة، التي يستند واضعوها إلى أبحاث وأحداث وحقائق مثبتة، وهؤلاء لا يمكن أن نقاضيهم إلا في حال الافتراء والكذب والتجني. أما منعهم من الكتابة عن شخصية عامة لها حجم فيروز على مدى نصف قرن، فهذا يقع تحت باب الغضب لا تحت باب القانون.

لقد اعتمد الرحابنة، ربما قبل أي فنان آخر في الشرق، اللجوء إلى المحامي في علاقتهم مع جميع الآخرين، أصدقاء وشركاء وعاملين وخصومًا ومعتدين. وصار محاميهم الوزير إلياس حنا صهرهم وأقرب أصدقائهم وأمين سرهم. وأرجو من ريما أن تسلم الأمر إلى المحامين لا إلى الغضب. فبعض اللهجات لا يليق بهدوء فيروز مهما كان المبرر.