إنها عرين الأسد!

TT

عرين شعيبات.. تذكروا هذا الاسم، واحترموه دائما. هذه فتاة كرهت الإسرائيلي المحتل، لكنها لم تصل إلى درجة كره نفسها. فهذه السيدة حملت حزاما ناسفا للقيام بعملية انتحارية ضد الإسرائيليين، لكنها لم تفعل.

بررت عرين ترددها في تفجير نفسها عام 2002 بقولها لصحيفتنا إنها رأت امرأة تدفع عربة طفل إسرائيلي، وإن بركانا من الأسئلة انفجر داخلها، وهي الفلسطينية التي ترى الظلم الإسرائيلي بعينها، لا من خلال التلفاز.

تقول عرين «مرت أفكار وأسئلة كثيرة في أقل من ثانية.. هل لي الحق أن أقتل هذا الطفل أو غيره، أين هي الصلاحية التي معي، من أعطاني إياها، وما هو التشريع الذي منحني إياه الله لأن أقتل».

لكن مربط الفرس في كلام عرين هو قولها لزميلنا «أنا أكره اليهود لأنهم قتلوا أبرياء، ولم أكن أريد أن أكره نفسي»، مضيفة «قلت لنفسي حينها سأكون مجرمة، ومثلما قتلوا (الإسرائيليون) إيمان حجو (طفلة رضيعة في الخليل) سأكون مثلهم».

وهذه هي الرسالة التي يجب أن تصل للعالم كله، فالفلسطينيون أصحاب حق وقضية، وليسوا إرهابيين كما يحاول الإسرائيليون تصويرهم، لكن المؤسف أن البعض يريد من الفلسطينيين الموت فقط، بلا سقف منطقي للمطالب، ومن أجل أجندات أبعد ما تكون عن القضية.

موت فلسطيني، أو فلسطينية، خسارة فادحة، لا يعادلها شيء، والمطلوب هو أن ندعم الفلسطينيين لحب الحياة والتعلم، وتقديم رسالتهم الصادقة للعالم، لا أن نبكي على قتلاهم ثم نعود إلى حياتنا الطبيعية، ونتركهم للمستقبل المجهول.

عرين شعيبات لم تكن جبانة على الإطلاق، وليست متخاذلة، كما أنها لم تغير قناعاتها في الحق الفلسطيني، والأهم أنها ليست إنسانة تنطلق من دوافع سياسية ضيقة؛ حيث انتقدت كلا من فتح وحماس.

ولذا أسميها عرين الأسد، فمن يعلم فقد تنجب هذه المرأة غدا ولدا أو بنتا يخدمان القضية الفلسطينية أكثر من بعض المزيفين الذين يتحدثون ويتباكون على فلسطين والفلسطينيين كذبا.

وبالتأكيد أن شكر وزير الدفاع الإسرائيلي السابق بنيامين بن اليعيزر لعرين وقوله «أنت أخذت حياتك وأعطيت الناس حياتهم» أمر لن يفرحها، ولن يضيف لها شيئا يذكر، فلو كان الإسرائيليون صادقين لاستوعبوا رسالتها النبيلة.

إلا أن المفروض علينا نحن العرب أن نقدرها وندعمها، لنجعل عرين صوت ورسالة الفلسطينيين العزل المؤمنين بقضيتهم ونبلها، والذين يعون أهمية أن يكون الفلسطيني قويا بتعليمه، وكرامته، من أجل الوصول إلى الدولة الحلم.

إذا لم نفعل ذلك كعرب فهذا يعني أننا نريد لهذا الصوت العاقل الصادق الشجاع أن يغيب في غياهب الصراخ، والمتاجرة بالقضية والدم الفلسطيني، أولم يقل خالد مشعل إن حماس تنتصر بعدد الضحايا الفلسطينيين؟

عندما التقت عرين شعيبات زميلنا ليجري معها الحوار الصحافي قالت له «يبدو راح نتورط» وبالطبع هي تقصد أن حديثها لن يعجب الكثيرين، فهل نثبت لها العكس، ونقدم لها الدعم لنجعلها من ضمن الأصوات الصادقة لدعم القضية الفلسطينية، أم نقول لها نحن لا نهتم إلا بمن يفسدون القضية الفلسطينية؟

[email protected]